الأسرى العرب

الأسرى الأردنيّون:

 

بقلم: شاهين مرعي

إنّ قضيّة الأسرى الأردنيّين في سجون العدوّ الصّهيونيّ مثال صارخ على الاستهتار بكافة القيم الإنسانيّة المعاصرة والقوانين والمواثيق الدّوليّة التي نصّت على وجوب المحافظة على حقوق الأسرى وسنّت طرق معاملتهم بما يحفظ كرامتهم  وحقوقهم بصفة عامّة، وفي الوقت نفسه تدلّ على سياسة غضّ الطّرف التي تمارسها جمعيّات حقوق الإنسان التي كانت وستبقى دائمًا منحازة إلى جانب الكيان الصّهيونيّ، فأين هذه المنظّمات من قضيّة الأسرى الأردنيّين الذين يعيشون في ظروف قاهرة وعلى رأسها الحرمان من زيارة ذويهم منذ سنوات طويلة ؟!.

إنّ ملفّ الأسرى الأردنيّين في سجون العدوّ لهو ملفٌّ قديمٌ حديثٌ ومستمرٌّ في آنٍ واحدٍ، وهنا أودّ تسليط الضّوء على عدد أولئك الأسرى وأحكامهم وظروف اعتقالهم، بغية إثبات عدم تمتّعهم بأيّ من حقوقهم كأسرى، تقريعا للجهات المسؤولة عن متابعة قضيّتهم وجَلْدِ تقاعسها عن أداء هذا الدّور، ولو أن الأمر لا يحتاج الى إثبات تحت عين الشّمس.

 

إحصائيّات:

بلغ عدد الأسرى الأردنيّين في سجون الصّهاينة 25 أسيرًا كلّهم من الذّكور وتتراوح أحكامهم بين الثّلاث سنوات، وتصل إلى 67 مؤبّدا وهم موزّعون على كافّة السّجون الصّهيونيّة.

 

ظروف اعتقال موجعة:

إنّ التّنكيل الذي تمارسه مصلحة السّجون الصّهيونيّة بحقّ الأسرى الأردنيّين وبايعاز من جهاز الشّاباك* هو أمر مقصود، يهدف إلى معاقبة هؤلاء الأسرى الذين يرونهم الأخطر عليهم، كيف لا وقد اجتازوا الحدود لقتالهم ومحاربتهم، وعليه فإنّ الاجراءات التّعسّفيّة والانتهاكات المسلّطة عليهم تفوق الإجراءات المتّبعة بحقّ الأسرى جميعًا من حيث الحرمان من زيارة الأهل لسنوات عديدة تجاوزت "الخمسة عشر" عامًا في بعض الحالات، ومنهم من لم ير والديه منذ دخوله السّجن كما هو حال الأسير "عبدالله البرغوثي" والمحكوم بـ 67 مؤبّدا والذي مكث في العزل الانفرادي مدّة عشرة أعوام ليخرج منه في العام 2012 بعد الإضراب الذي خاضته الحركة الأسيرة، وتوفيّ والد أحدهم دون أن يتمكّن من زيارته، كما هو الحال مع الأسير منير مرعي المحكوم بـِخمس مؤبّدات، علمًا أنّ والده توفّي بمرض السّرطان في شهر أغسطس عام 2011 ،وقبيل وفاته بثلاثة شهور حاول الحصول على تصريح لزيارة ابنه بدعم من تقارير طبّيّة تُبيّن أنّ مرضه في مراحل متقدّمة، إلاّ انّ رفض السّفارة الصّهيونيّة وبإيعاز من جهاز المخابرات حال دون ذلك.

وتعمد مصلحة السّجون أيضًا إلى تأخير تنزيل النّقود التي يرسلها أهلهم إلى حساباتهم ممّا يُضطرّهم إمّا لتأخير شراء احتياجاتهم من الكانتين* أو الاقتراض من بقيّة الأسرى، ويُحرم الأسرى الأردنيّون من إدخال المستلزمات عن طريق الأهل لأنّ هؤلاء ممنوعون من زيارتهم.

عاش الأسرى الأردنيّون هذه الظّروف القاسية لسنوات طويلة دون أيّ تدخّل من قبل حكومتهم الأردنيّة أو سفارتها في "تلّ الرّبيع" التي لم تتواصل يومًا أو تزر أيّ أسير مطلقًا، كما أنّها أيضا لا تتواصل مع ذويهم في الأردن، وكأنّها تتواطؤ مع الإحتلال على كونهم مجرمين وإرهابيين ومخربين.

إضراب مفتوح:
عندما علم الأسرى الأردنيون أنّ حكومتهم لن تحرّك ساكنًا كما فعلت على مدى سنوات طويلة منصرمة، رغم المراجعات اليوميّة من قبل ذويهم لوزارة الخارجيّة في الأردن، قرّر خمسة منهم وهم "عبدالله البرغوثي، منير مرعي، محمد الريماوي، علاء حماد و حمزة الدباس " خوض الإضراب الشهير والمفتوح عن الطّعام في الثّاني من ماي عام 2013، ومنذ اللّحظة الأولى لبدء الإضراب قامت مصّلحة السجون بِعزل الأسرى الخمسة في زنازين تمتلئ بالجرذان والصّراصير وتطفو فيها مياه الصّرف الصّحيّ – بحسب رواية المحامين الذين زاروهم آنذاك – وطالت أيّام اضرابهم حتّى وصلت إلى "102 يومًا"، خرج خلالها ذووهم رجالًا ونساءً واطفالًا معتصمين وهاتفين لحريّة أبنائهم بحراكات في العاصمة الأردنيّة عمّان لم يُشهد لها مثيل، أمام عدد من المؤسسات الحكومية والمنظمات الحقوقية.

واللاّفت هنا أنّه وتحت ضغط إضراب الأسرى وضغط ذويهم في الشّارع فإن أيًّا من مؤسّسات الدّولة الرّسميّة أو غير الرّسميّة لم تحرّك ساكنًا، ولم يلتق أيّ مسؤول أردني بذوي الأسرى باستثناء لقاء تمّ بين وفد من أهالي الأسرى الأردنيّين ووزير الخارجيّة الأردنيّ انسحب منه الأهالي بعد فشله وكان ذلك في اليوم الثّالث والستّين للإضراب.

 

أنهى الأسرى الأردنيّون الخمسة إضرابهم من داخل المستشفيات الصّهيونيّة بعد أن دخلوا مرحلة الاحتضار، وبعد الاتّفاق مع مصلحة السّجون على ترتيب زيارة دوريّة لذويهم كلّ شهرين، وقد تلقّيت اتّصالاً – شخصيّا – من أخي الأسير "منير مرعي" في اللّحظة التي تمّ الاتّفاق فيها على فكّ الإضراب بعد السّماح له من قبل مصلحة السّجون بالاتّصال ليبلّغني بتفاصيل الاتّفاق طالبًا منّي التّواصل مع وزارة الخارجيّة لترتيب إجراءات الزّيارة غير أنّها أبلغتني أنّها لا تعرف شيئًا عن هذا الاتّفاق!

وها نحن ما زلنا ننتظر أن تعرف وزارة خارجيتنا شيئًا!!!

 

الحكومة الأردنيّة.. تقصير منقطع النّظير:

إنّ من المهامّ الأساسيّة لأيّ وزارة خارجيّة في أيّ دولة هي متابعة رعاياها في الدّول الأخرى ولكن وللأسف الشّديد فإنّ وزارة "الخارجيّة الأردنية" تخلّت عن دورها تجاه قضيّة الأسرى الأردنيّين في سجون الكيان الصّهيونيّ رغم وجود سفارة أردنيّة على أرض فلسطين المحتلّة، كما أنّها لم تمارس على دولة الاحتلال أيّ شكل من أشكال الضّغط بخصوص تطبيق الاتّفاقيات الدّوليّة التي ترعى شؤون الأسرى، وظلّ الأسرى الأردنيّون محرومين من كلّ شيء حتّى أبسط حقوقهم، والسّؤال هنا : لماذا لا تطالب الحكومة الأردنية دولة الاحتلال بتطبيق المواثيق الدّوليّة بحقوق الإنسان؟!، ولماذا لا يقوم السّفير الأردنيّ والسّفارة الأردنية بواجبهما تجاه الأسرى الأردنيّين؟!، علمًا أنّ البعض منهم يعاني من أمراض عديدة وبعضهم تعرّض ويتعرّض للضّرب مرّات عديدة على أيدي السّجّانين!

 

وأفوّض أمري إلى الله:

إنّ حال الأسرى الأردنيّين وذويهم دائمًا هو: "وأفوّض أمري الى الله"، وبعد كلّ هذا الصّمت من قبل حكومتهم تجاه الانتهاكات التي يتعرّض لها أبناؤهم  فإنّهم يتطلّعون بعيون الأمل والشّوق إلى صفقة "وفاء الأحرار2" ، لعلّ المقاومة المجاهدة في فلسطين تنتصر فيها لأسرانا وتعمل على تحريرهم من هذه المعاناة الصّعبة والمركّبة والشّديدة، كلّنا أمل في الله عزّ وجلّ … كلّنا ثقة في المقاومة أن تخرج الأسرى الأردنيّين من بطن الحوت كي يعانقوا الحرّيّة من جديد ويحيوا بين ذويهم وأهلهم ،كي يغادروا حالهم الذي يقول: ( كما الأسرى الأردنيّون …… لا بواكي لهم ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشّاباك: جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي.

الكانتين:المكان الذي يشري منه الأسرى احتياجاتهم.

 
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى