عين على السجون

غذاؤهم داؤهم!

بقلم: هيا محمود

وأنت تعد طعامك "فكر بالأسرى"، وحين تشتري الخضار والفواكه "فكر بالأسرى"، وعندما تتذوق الحلوى.. أيضًا "فكر بالأسرى"، أصناف كثيرة جدًا من الأطعمة والأشربة نسي أسرانا مذاقها ولونها وشكلها، فعُزلة ما يزيد عن 30 عامًا كفيلة بأن تنسيهم ذلك، ولربّما استدعوا مذاق هذه الأطعمة من ذاكرتهم وارتسمت ابتسامة حنين على شفاههم، تلك الذّاكرة العصيّة على النّسيان، ذاكرة لم تنل منها قسوة السّجّان ولا ظلمة الزّنزانة، ولا ندري لعلّ الله يطعمهم ويسقيهم.

 

حرمان الأسرى من أصناف كثيرة من الأطعمة والأشربة هي سياسة قديمة جديدة تنتهجها إدارة مصلحة السّجون بحقّ أسرانا كنوع من التّنكيل والتّعذيب، محاوِلةً النّيل من عزيمة أسرانا وإرادتهم باستغلال مواردهم واستنزافها من خلال دفعهم لشراء ما ينقصهم من "الكانتين"* بأسعار مضاعفة، وتتعارض هذه السّياسة مع المادّة 87 من اتّفاقية جنيف التي تنصّ على "تمكين الأسرى من الحصول على الأغذية والمستلزمات اليوميّة من الكانتين بأسعار لا تزيد عن أسعار السّوق المحليّة".

 

يعتمد أسرانا في تغذيتهم بشكل رئيسيّ على أصناف محدودة من الطّعام كاللّحوم المجمّدة والحبوب الجافّة، أي أنّ أسيرًا أمضى ما يزيد عن 30 عامًا في أسره اقتصر غذاؤه على أطعمة ذات قيمة غذائيّة محدودة، ممّا يتعارض مع نصّ المادّة 89 من اتّفاقيات جنيف الرّابعة التي تكفل للأسير التّوازن الصّحيّ الطّبيعي وتمنع اضطرابات النّقص الغذائي.

 

معاناة الأسرى من الغذاء المقدَّم لهم لم تقتصر فقط على كميّة ذلك الطّعام ونوعيّته؛ فعدم السّماح لهم بإعداد وجباتهم بأنفسهم في المطبخ وتلقّي الطّعام من ذويهم خارج السّجون، وحجب شراء بعض الأغذية الأساسيّة من الكانتين فرض عليهم قبول طعام السّجناء الجنائيّين اليهود ليعتمدوا عليه في معيشتهم، ممّا جعل تلك الأطعمة تفتقر إلى أدنى معايير الصّحّة والنّظافة، فقد تكرّرت شكاوى الأسرى وتواترت عن وجود الحشرات وأعقاب السّجائر في وجباتهم، وقد دفعهم هذا الأمر في كثير من الأحيان إلى إرجاع تلك الوجبات احتجاجًا على رداءتها وسوء إعدادها.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*الكانتين: المكان الذي يشتري منه الأسرى احتياجاتهم.

 
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى