عين على السجونواقع السجون

الشّتاء .. الضيف الثقيل على الأسرى

بقلم : رياض الأشقر

قد يفرح الكثير منّا حينما تتساقط الأمطار إيذانا بقدوم فصل الشّتاء حيث الطّقوس والأجواء الخاصّة والجلسات العائليّة الدّافئة بجانب وسائل التّدفئة المختلفة، ولكن هل خطر ببال أحدنا متى يكون هذا الفصل ضيفا  ثقيلاً على أصحابه؟

والجواب هو إذا كنت معتقلاً لدى الاحتلال، فبكلّ تأكيد يُعتبر الشّتاء ضيفا ثقيلاً يحمل معه الكثير من المتاعب والمخاطر والأمراض وأوجه المعاناة المختلفة على الأسرى، حيث النّقص الحادّ في الأغطية والملابس الشّتويّة التي يعاني منها الأسرى، ويأتي الشّتاء كذلك بالعديد من منغّصات الاحتلال كالاقتحامات اللّيليّة والّتتفيش في ظلّ البرد، والعدّ الصباحيّ، والّنقل الجماعي، وانتشار الأمراض.

 

وتتعمّد سلطات الاحتلال في فصل الشّتاء منع أهالي الأسرى من إدخال أغطية وملابس لأبنائهم خلال الزّيارات،

وتكتفى بالسّماح لهم بشراء كميّات قليلة جدّا تكاد لا تكفي ثلث الاحتياجات من “كنتين” السّجن بأسعار باهظة جدّا تزيد أربعة أضعاف عن سعرها الأصلي، كذلك لا تسمح للمؤسّسات الحقوقيّة والإنسانيّة بإدخال تلك الأغراض للأسرى إمعانا في التّضييق عليهم.

وما يفاقم تلك المعاناة هو استمرار عمليّات الاعتقال من الأراضي الفلسطينيّة ووجود أسرى جدد بشكل مستمرّ، وهؤلاء ممنوعون من الزّيارة لفترة لا تقلّ عن ستّة أشهر، وجميعهم لا يملكون ملابس أو أغطية يستخدمونها للتّدفئة من البرد القارس، ممّا يضطرّ الأسرى الذين سبقوهم في الاعتقال إلى تقديم جزء من ملابسهم لزملائهم وهو ما يحدث نقصا شديدا في تلك الأغراض.

وممّا يزيد من معاناة الأسرى هو وجود أربعة سجون كبيرة تضمّ ما يقارب من نصف الأسرى في الجنوب في صحراء النقب وهي (نفحه – النقب- ريمون- بئر السبع) وهناك تصل درجة الحرارة في بعض الأحيان إلى ما تحت الصّفر، حتى أنّ الأسرى تتجمّد أطرافهم نتيجة شدّة البرد، بينما يتجمّد الماء في الصّنابير المعرّضة للهواء كما في سجن النقب.

إضافة إلى وجود أقسام من الخيام، وغالبا ما تكون مهترئة وقديمة تسمح بدخول المطر والرّيح مما يؤدّي إلى إتلاف أغراض الأسرى وابتلال أغطيتهم وملابسهم، كذلك هناك سجون مبنيّة منذ عشرات السّنين ويوجد شقوق في السّقف ممّا يسبّب تسرّب مياه الأمطار إلى داخل غرف الأسرى.

ويتعمّد الاحتلال خلال فصل الشّتاء مضاعفة عمليّات الاقتحامات لأقسام الأسرى وغرفهم بحجّة البحث والتّفتيش عن أغراض مهرّبة وأجهزة اتّصال، حيث تتعمّد تنفيذ عمليّات التفتيش في أوقات متأخّرة من اللّيل، ممّا يتطلّب إخراج الأسرى في البرد القارس لعدّة ساعات تصل إلى ثمان في بعض الأحيان دون السّماح لهم باصطحاب ملابس أو أغطية مناسبة تقيهم البرد.

بينما تظهر المعاناة خلال الشّتاء أيضا من خلال إرغام الأسرى على الوقوف أثناء العدّ الصّباحي والمسائي في ظلّ البرد الشّديد والمطر في السّجون المركزية، و في السّجون الأخرى المفتوحة يتمّ إجبار الأسرى بطريقة قسريّة على الخروج إلى السّاحة الرئيسيّة للسّجن لإجراء العدّ للتّأكّد من عدم هروب أحدهم، وقد تطول فترة العدّ وقد تقصر، وقد تصادف وجود مطر شديد ، وهذا لا يلغيه أو يؤجّله.

إلى جانب ذلك يصاحب فصل الشتاء انتشار العديد من الأمراض التي تصيب الأسرى نتيجة عدم توفّر وسائل تدفئة أو ملابس كافية، كأمراض البرد والانفلونزا وآلام العظام والمفاصل، إضافة إلى تفاقم حالات الأسرى المرضى وخاصّة كبار السّنّ والأطفال، في ظلّ عدم توفّر أيّ رعاية صحّيّة أو علاج مناسب للأسرى، ويساهم اكتظاظ السّجون في انتشار الأمراض المعدية وخاصّة في مراكز التّوقيف والتحقيق.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى