زاجل الأسرىكي لا ننسى

جهاد الأمّهات في غياب الآباء

بقلم: أفنان رمضان

” أين بابا” أو “متى يعود بابا” أسئلة تصبح عزفا يوميّا في حياة طفل غيّبت السّجون والده، فلا تعرف الأم الصّابرة كيف تجيب إجابة دقيقة على التّساؤلات المتكرّرة فيكتفي الطّفل بحفظ الإجابة دون أن يعيها

فـ”بابا في السّجن”.

إذن هي السّجون ذات الأبواب الموصدة تركت زوجة حائرة بين أبنائها الذين لا يكفّون عن السّؤال وو زوجها الحاضر الغائب.

ومع تزايد أعداد الأسرى الفلسطينيّين أصبحت هذه الحالات منتشرة في مجتمعنا ممّا زاد العبء على الأمّ فأصبحت مجبرة تبذل جهدا مضاعفا لتحلّ محلّ الأب والأمّ معا.

وقد عايشتُ هذه التّجربة وأنا أمّ لطفلين لا يعرفان والدهما أصلا، وعزمت وقتها أن لا أجعل أبنائي كالأيتام وهذا حال كل زوجة أسير أخذت بعزم الأمور وقرّرت أن لا تجعل من السّجن مقبرة للأحياء

فكلّ زوجات الأسرى يعايشن أزواجهنّ بكل الظّروف والأحوال التي تمرّ عليها وعلى أبنائها فيصبح الأب حاضرا دوما في حديث العائلة وقراراتها و مشاريعها، حتى أنّ الاتّصالات من السّجون جعلت هذا الأمر أكثر سهولة، فالتّواصل شبه اليوميّ جعل الأب أقرب من أبنائه يقاسمهم مشاكلهم و أفراحهم وكلّ ثرثراتهم، فينامون ويستيقظون حالمين بيوم يجتمعون فيه مع والدهم.

لا شكّ أنّ الأطفال الأكبر عمرا يعانون من بعد والدهم أكثر فهم يمرون بفترات حرجة يحتاجون فيها إلى تقويم الأب وتوجيهاته وقد تجد الكثير من الأمّهات صعوبة في كون ابنها لا يطيعها أو يتمرّد عليها ممّا يجعل عبئها يزيد، فتحاول جاهدة أن تمسك زمام الأمور وتكلّل أبناءها و زوجها بالدّعاء فالأبواب الموصدة لا تفتح إلاّ بالدّعاء.

لن تأفل أقمار السّجون، لن تغيب شمسهم عن منازلهم، هذا المنزل الذي شيّده الأب سيبقى مكانه حاضرا مضيئا بانتظاره. ولن تجعلنا السّجون حيارى ولن تهزم عزيمتنا ولن تفرّقنا أبدا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى