بقلم ثائر حلاحلة.
في ليلة 19 من آذار عام 2002 هاجم شذّاذ الافق مربّع عيشنا، فسرقونا ومن قبل سرقوا أحلامنا وأفراحنا، وقد جاؤوا في عتمة اللّيل كما هي عادة اللّصوص، وداهموا كلّ شيء في حياة هذا البيت الذي تعوّد على اقتحاماتهم واعتقالاتهم وإرهابهم وصلفهم، فاعتقلوك أيّها الخلوق الصّابر المنتمي إلى وطنك وشعبك وأمّتك وأقصاك الجريح.
شاهر عزيز حلاحله أنت اليوم أسير تدخل عامك 16 ولكنّك حرّ في سجنك وأسرك وقد أنجزت وأثمرت كالأشجار. اليوم أتذكّر تاريخ مجدك قبل الأسر وبعده، قبل اعتقالك كنت القريب المساعد للنّاس، وخاصّة المرضى في مشفى عالية بالخليل، وأنت المشارك الدّائم في مواجهات مع الاحتلال في أحداث النّفق عام 97موفّي عام 98 ومع بداية انتفاضة الأقصى المبارك عام 2000 كانت السّرايا وكان شاهر ،وقد كنت المدرّب لأبناء الجهاد وفتح على كافّة المهارات الرّياضيّة والرّماية، لقد كنت صامتا ، لا تتكلّم إلاّ للضّرورة.
كانت البداية بالعمل المشترك مع أبناء حركة فتح الشّرفاء، مع مروان زلوم مؤسّس كتائب الأقصى، وتشهد لكم حارات الخليل وأزقّتها، ومع الشّهيد القائد محمّد أيّوب سدر، فكان اختيارك للشّهيد علي يوسف أبو بسمة الحلاحله شهيدا مع رفيق دربه الشّهيد نبيل النتشة، إنّهما أوّل غيث السّرايا والمقاومة في الخليل، وأنت تتنقل بالشّهيد علي حلاحله من جبل إلى جبل ومن مغارة إلى مغارة تدرّبه على التّضحية والفداء، ليتمّ اعتقالك قبل استشهاده بيوم، أنت تُنقل إلى التّحقيق والتّعذيب في سجن عسقلان، والشّهيد علي حلاحله يكمل مسيرته وعهده نحو الشّهادة والعلا، ورفيق دربه ومدرّبه شاهر حلاحله أسير في غياهب السّجون، وأنت تُمضي عليّا شهيدا مع من تحبّ، مع الشّهيد فتحي الشّقاقي، مع أبوعمّار، مع الياسين، مع الباسل باسل الأعرج، مع ذياب الشويكي وعبد الرّحيم تلاحمه، مع عاطف عبيات ومع القافلة الطّويلة من الرّاحلين، الذين هم ريحانة الوطن الجميل، وشاهر أسير ويحقّق معه لأكثر من 60 يوما من الشّبح والقهر ويعرض عشرات المرّات لتتم محاكمته في محكمة العدوّ بسجن عوفر العسكري ،ب17عاما بتهمة تجنيد استشهادي هو الشّهيد علي يوسف حلاحله الذي نفّذ عمليّة فدائيّة مع الشّهيد نبيل النّتشه، والقيام بعشرات عمليّات إطلاق النّار على مواقع ومركبات العدوّ، وتدريب على كافة أنواع الأسلحة، ويهتف شاهر في قاعة المحكمة الله اكبر رافضا لحكمهم.
واليوم هو أسير وقد أنجز الكثير في الأسر من ناحية التّعليم، فقد أنهى التّوجيهي للمرّة الثّانية، ومن ثمّ بكالوريوس تاريخ في جامعة الأقصى، ثمّ دبلوم تأهيل دعاة من كلّيّة العلوم التّطبيقيّة، ثمّ هو الآن يدرس بجامعة القدس المفتوحة تخصّص خدمة اجتماعيّة، والعشرات من الدّورات التي تلقّاها وأعطاها لمئات الأسرى من أحكام التّجويد والتّلاوة وإعداد الكادر وفقه السّنّة والسّيرة النّبويّة، وقد تعلّم الخطابة، وقد خاض كلّ معارك الإضرابات والتّضامن مع الأسرى من إضراب العام 2004 وإضراب 2012 والتّضامن مع خضر عدنان وهناء الشّلبي ومع أخيه ثائر حلاحله وبلال ذياب، وتمّ حرمانه من الزّيارات لسنوات، وتمّ ضربه أكثر من مرّة على يد سجّاني الاحتلال، وقد هدّد في إحدى المرّات مدير سجن ريمون الكابتن الين بورده المعروف بحقده على الأسرى والعرب وتمّ وضع شاهر بالزّنازين عقوبة له على تهديده لمدير السّجن.
لقد كان شاهر مقداما معروفا بصلابته وتحدّيه وعنفوانه، علما أنّ إدارة السّجون تصنّفه متطرّفا ومحرّضا عليها، الشّاهر معروف بعلمه وأخلاقه، الشاهر الحافظ لعشرين جزءا من القرآن ومئات الأحاديث، والقائم والمتطوّع، شاهر أخي ورفيق الدّرب نفتقدك، ونفتقد ظلّك، ولكنّك حاضر في كلّ التّفاصيل، أخي شاهر اقتربت حرّيّتك لك السّلام وللأسرى، السّلام على رفقائك الشّهداء ومنهم العليّ الشّهيد علي حلاحله 19/3/2002.