عصمت منصور
في السّابع عشر من نيسان ذكرى يوم الأسير الفلسطيني أعلن أكثر من 1500 أسير فلسطيني الإضراب المفتوح عن الطعام، وهذا الاضراب مع رمزيّة هذا اليوم الجامع شكّل محطّة مهمّة سيترتّب عليها الكثير إن إيجابا أو سلبا سواء على السّجون في الدّاخل أو ساحة العمل الوطني في الخارج.
لقد عانى الأسرى لسنوات من الفرقة الدّاخليّة عبّر عنها عدم قدرتهم على خوض نضالات جماعيّة إلا بشكل محدود أو فردي وهذا ما فتح شهيّة إدارة السّجون للانقضاض على مكتسباتهم وحقوقهم وتقليصها إلى أدنى مستوى.
أيضا تعاني السّاحة الفلسطينيّة من الانقسام وآثاره المدمّرة على الشّارع والحركة الجماهيريّة في مواجهة مخطّطات حكومة اليمين المتطرّف وتوسّعها الاستيطاني ومشاريعها التّهويديّة وتماديها في إعدام الأطفال الفلسطينيّين على الحواجز وغيرها من الممارسات الاحتلاليّة.
في ظلّ هذا كلّه يأتي هذا الإضراب ليؤشّر إلى وصول التّناقض مع إدارة السّجن إلى ذروته وعدم إمكانيّة الاستمرار في التّعايش مع سياساتها المبرمجة والإذلاليّة وتعبيرا عن تمسّك الأسرى بالنّضال والمقاومة كخيار أساسي في التّصدّي لها وإعادة الاعتبار لوحدتهم وتحرّكهم الجماعي الذي لاقى صداه في الشّارع ولدى قطاعات واسعة من الجمهور التي التزمت بشكل كبير بالإضراب التّجاري وشلّت الحياة العامّة وصبّت كلّ جهدها في التّصدّي لقوّات الاحتلال والتّضامن مع الأسرى الأبطال.
إنّ هذا الإضراب لا ينحصر في مطالبه العادلة والمحقّة على أهميّتها بل هو إشارة حياة من نخبة مناضلي الشّعب الفلسطيني وتأكيد على استمرار النّضال وإعادة الاعتبار للمواجهة مع المحتلّ، لذا نجد أنّ حكومة الاحتلال تدير عمليّة مواجهته على أعلى مستوى أمني وسياسي وتخشاه بشدّة وتحاول إبطال مفاعيله وقتله في مهده.
مرّة أخرى تعود الحركة الأسيرة لتمسك بزمام المبادرة وتلتقط الحركة المركزيّة في النّضال، والشّعب من جهته لم يخيّب أملها وعبّر هو الآخر عن تعطّشه للحرّيّة وإيمانه بالمقاومة برموزها وأشكالها كافّة.
كأسير محرّر أستطيع تخيّل الصّعوبة وحجم الألم الذي يعاني منه الأسرى الآن ولكن بالمقابل أستطيع أن أتخيّل الآمال العظيمة والعريضة التي يعلّقونها على إضرابهم البطولي الذي تحدّى الظّروف الصّعبة وشقّ طريق أمل جديد نحو الحرّيّة الأكيدة.
إنّ نجاح الإضراب في تحقيق أهدافه الحياتيّة والنّضاليّة مرهون بصمود الأسرى بقدر ما هو مرهون بإسنادنا له وإطلاق المبادرات في كلّ مكان لدعمه.