مذكرات أسيرواقع السجون

أيّام في سجن النقب

بقلم:- ثامر سباعنه

 

بعض الأحداث تترك فينا أثرها فنضلّ نذكرها وتبقى في ذاكرتنا لفترة ليست بسيطة.

وهكذا عشت هذه التجربة في سجن النقب الصحراوي..

بدأت الأحداث مساء يوم الأربعاء 1/ 2 / 2017 انطلقت صفّارات الانذار في كلّ أرجاء السّجن ممّا يشير إلى أنّ هناك حدث في السّجن وعلى كل الأسرى الدّخول لغرفهم، وبالفعل دخلنا الغرف ليتمّ بعدها إغلاقها علينا ووضع الأقفال دون أيّ توضيح.

وبعد ساعات بدأنا نسمع أصوات التّكبير والطّرق على الأبواب وبدأت الأصوات تعلو وتقترب من قسمنا وبدأ القلق والاستنفار في نفوسنا ونحن لا ندرك ماذا يجري!!؟

سارعنا لفتح التّلفاز والبحث في المحطّات الإذاعيّة فلعلّنا نعرف حقيقة ما يجري حولنا … لكن لا إجابات.

يزداد القلق و الضّغط الدّاخلي مع اقتراب الأصوات دون أن نجد إجابة أو توضيحا لما يحصل !!!!

ثمّ سمعنا أحد الأسرى في القسم الملاصق لنا يصرخ  ..!!

قد تمّ اقتحام قسم 16 وهناك شهيد  ..

 

ننتقل الآن بالمشهد إلى قسم 16 في النّقب..

إنّها السّاعة الخامسة مساء تقريبا، وجنود الاحتلال يغلقون أبواب الغرف لإجراء العدد المسائي في القسم 16 ، ومع اقتراب  الجنود من الغرفة رقم 5 سارع أحد الأسرى بضرب أحد الجنود على وجهه بآلة حادّة وصاح الأسير:

الله أكبر ولله الحمد

نحن قوم لا نقبل الذّلّ

نحن قوم ندافع عن كرامتنا

لقد أخذ هذا الأسير بثأر الأحداث التي جرت صباحا في سجن نفحة.

 

وننتقل الآن إلى قسم 1 في سجن نفحة..

الأسرى في غرفهم منهم النّائم ومنهم من يقرأ ومنهم من يستحمّ أو أو يتابع التلفاز، وفجأة تهجم المتسادا (وحدة صهيونيّة لقمع الأسرى) على غرف الأسرى بشكل همجي وعدواني..

وتمّ الاعتداء على الأسرى وتكبيلهم وضربهم وكلّ ذلك تحت تهديد السّلاح، بل زاد الأمر ليصل إلى إخراج أحد الأسرى من الحمّام أثناء استحمامه..

 

وهذا الحدث كان الشّرارة التي أشعلت السّجن، خاصّة أنّ وحدة المتسادا هذه معروفة لدى الأسرى بأنّها من  قتلت الأسير الشّهيد محمّد الأشقر عام 2007، وهذه الوحدة تقتحم غرف الأسرى بالسّلاح النّاري وتمارس طقوسها في تعذيب الأسرى وإذلالهم.

لذا كان الرّدّ الأوّل على هذا الاقتحام بأن قام الأسير خالد السّيلاوي بطعن شرطي في سجن نفحة.

نعود الآن إلى سجن النّقب وتحديدا إلى قسم 16.

حالة الاختناق والغضب تسكن نفوس كلّ الأسرى بعد سماعهم أخبار إخوانهم في سجن نفحة والغضب يملأ مشاعر الأسرى وقد جاء الرّدّ الثّاني .. أسير بالنّقب وفي قسم 16 يطعن.. شرطي..

خلال دقائق وبعد الحادثة هبّت مجموعات كبيرة من شرطة السّجن وكلّ يحمل كامل عتاده وسلاحه، وفتحوا الغاز المسيل للدّموع على الأسرى في  القسم، وصل الأسرى لحالة الموت البطيء نتيجة الاختناق، وبعد حوالي نصف ساعة من المعاناة والبحث عن فتحة ومنفس هواء تخفّف أثر الغاز المسيل، اقتحم الجنود غرف الأسرى وبدؤوا بتوجيه الضّربات والرّكلات لكلّ الأسرى دون تميّز ودون مراعاة لعمر أو مرض . ضرب وركل وشتائم  وصل حدّ تكسير الأيدي والضّرب على العين،

بدأت التّكبيرات تخرج من حناجر الأسرى في القسم وفي الأقسام المحيطة وصلت التّكبيرات فخشي السّجّانون أن تنتقل الثّورة إلى كلّ الأقسام المحيطة، فسارعوا لإحضار قوّات مساندة لهم وقاموا بتكبيل كلّ الأسرى بقسم 16، ثمّ ألقوهم في ساحة القسم.

كلّ الأسرى مكبّلون وعلى وجوههم ملقون في السّاحات..

وبقوا على هذا الحال لسبع ساعات متواصلة  رغم برد الشّتاء ودون أيّ شراب أو طعام..

سبع ساعات كاملة والسّجّانون يمارسون عربدتهم وظلمهم على أجساد الأسرى..

وبعد ذلك تمّت إعادة الأسرى إلى غرفهم ليجدوها فارغة تماما ولا تحتوي إلاّ فرشة وغطاء واحدا فقط..

هذه إطلالة قصيرة على حال الأسرى وعلى جزء بسيط من معاناتهم ووجعهم ومواجهتهم المستمرّة المباشرة مع السّجان ومع المحتلّ.

 

تم التحرير والتدقيق

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى