شهداء الحركة الأسيرةكي لا ننسى

زكريّا عيسى 

 جرح نازف ودعوة لإنقاذ الأسرى المرضى



بقلم: م. بلال ستيتي

عندما تدخل سجون الاحتلال الصّهيوني تجد أنّ فئات كثيرة من أهل فلسطين قد أُسرت عبر سنوات النّضال الفلسطيني في سبيل التّحرير، فعرفت السّجون القادة والمبدعين والفنّانين والشّعراء والأدباء والرّياضيّين أيضا، الذين يتركون حياتهم الرّياضيّة وفسحة المكان إلى ضيق السّجن من أجل قضيتهم التي يؤمنون بها.
زكريّا عيسى رجل طويل ضخم الجثّة يمتلك روحا مرحة ولّينة مع إخوانه من الأسرى يمضي وقته في خدمتهم وخصوصا في الطّعام حيث أنّه طبّاخ ماهر، دمث الخلق قريب من القلب يدخله بلا استئذان، قدّر الله لي أن أعيش معه في سجن النّقب في قسم الغرب في أواخر عام 2008، وكنت مساعدا له في الطّبخ حينها.
زكريّا من أعلام فلسطين الرّياضيّة ونادي الخضر الرّياضي في بيت لحم، وشارك في مباراة المنتخب الفلسطيني والمنتخب الأردني في بدايات التّسعينيات من القرن الماضي،  حيث كان لاعبا في المنتخب الفلسطيني، آثر أن ينتقل للعمل الجهادي واعتقل وحكم خمسة عشر عاما، أمضى منها عشر سنوات في الأسر وأصيب بأورام سرطانيّة في الظّهر والكبد والدّماغ في سجون الاحتلال، ونتيجة الإهمال الطّبّي في السجون وصل الأسير إلى مرحلة الموت فاختار الاحتلال أن يستشهد خارج سجونه فأطلق سراحه، ورفض إخراجه للعلاج في الأردن، فانتقل إلى الرّفيق الأعلى شهيدا بإذن الله بعد أن تنفّس هواء الخضر وبيت لحم التي أحبّها وأحبّته.
سهرت مع أبو أحمد ليالي ونحن نتكلّم عن الخارج حيث أنّ حكمي قصير وسأعود إلى الحرّيّة بعد عام ونصف فحكى لي عن ابنه أحمد وأنّه أصبح لاعبا مهمّا في نادي الخضر وعن العائلة، وأراني ما كان يبعثه لصحيفة القدس من مقالات في الرّياضة من خلال البريد لنشرها وصوره وهو يلعب، وتكلّمنا عن النّصر القادم والأمل بالله وعملنا مشاوي للأسرى بقطع الدّجاج الصّغيرة لنعيش أيّاما جميلة رغما عن السّجّان.
زكريّا يا نبض الضّفّة نحو الحرّيّة لفلسطين، ستبقى روحك ترفرف فوق رؤوسنا كلّما عبرنا من بيت لحم إلى الخليل لنبعث لك سلام تحيّة وفخار لمن وهب حياته لله وللوطن، وترك الرّياضة التي كان بإمكانه عن طريقها أن يصل جميع دول العالم، رحمك الله ورحمنا من بعدك، وما زالت كلماتك في أذني لم تفارقها وسيكون لقاء يوما ما.
زكريّا أطلقت صرخة مدوّية بأنّه لا عذر لأيّ أحد للعمل للأسرى وإخراجهم من السّجون، والعمل على علاجهم على أقلّ تقدير هناك في مستشفى الرّملة وفي كلّ سجون الاحتلال فكلّ آهة يطلقها أسير مريض سنحاسب عليها في الدّنيا والآخرة.
في قلاع الأسر رجال عزمهم من حديد ونصرهم واجب فهل من ملبّ؟


تم التحرير

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى