عين على السجونواقع السجون

وقفة مع الذّات

الحركة الأسيرة بين التّقدّم والتّراجع (1)


الأسير محمود كليبي

تتقاذفنا الأيّام والسّنين ومن جيل إلى جيل ما زالت الحركة الأسيرة في حالة نضال مستمرّ لانتزاع حقّها المشروع للعيش بكرامة وتحقيق مستوى معيشي أفضل. وكلّنا يعلم ولربّما عاش تلك المراحل التي مرّت بها الحركة الأسيرة بين مدّ وجزر وكيف كانت تلك الظّروف العصيبة التي عاناها الأسرى طيلة فترات اعتقالهم غاية في الشدّة والقسوة، ورغم ذلك لم يتسرّب اليأس إلى أفئدتهم وقاوموا صلف إدارة السّجون وعنجهيّتها بأمعائهم الخاوية ودفعوا من خلالها أثمانا باهظة من أرواحهم وأجسادهم لكنّهم انتزعوا حقّهم المسلوب بتوكّلهم على الله أولا ثمّ بقوّة إرادتهم الفولاذيّة ثانيا وفرضوا شروطهم العادلة بقوّة صبرهم وإرادتهم واستطاعوا الحصول على كثير من هذه المنجزات التي حقّقوها إلى يومنا هذا.

رغم كلّ ذلك ما زالت تواجهنا تحدّيّات كثيرة وخصوصا في ظلّ التّراجع الواضح الذي تحياه الحركة الأسيرة والسّؤال الذي يتداوله كثير من الأسرى ولا بدّ له من إجابة واضحة و كافية وشافية : ما هو السّبيل إلى الخروج من حالة الضّعف التي نحياها لمواجهة هذه الغطرسة والهمجيّة الشّرسة التي تمارسها علينا إدارة السجون ؟
هناك أمور عديدة يمكننا إدارة الصّراع مع العدوّ من خلالها وهي بحاجة إلى صبر وثبات وعزيمة وحكمة ومنها :
1-التّحلّي بالمسؤوليّة وتغليب المصلحة العامّة على المصلحة الفئويّة والحزبيّة الضّيّقة التي تمكّن العدو من الاستفراد بكلّ فصيل على حدة فالحذر الحذر من الوقوع بهذا الشّرك الذي يخدم مخطّطات العدو وأهدافه.
2-الجهد الفصائلي الموحّد من خلال بناء جسم اعتقالي واحد ينطق بلسان واحد دون تفرّد بالقرار ولا أريد أن أتحدّث في هذا المقال عن كيفيّة هذا الجسم الاعتقالي وطبيعته وإدارته لكنّه ضمن برامج وخطط ولجان وقوانين وخبرة وكفاءة تضمّ كافّة الفصائل في قلاع الأسر.
3-اتّباع الأولويّات في نضالنا المشروع ضدّ إدارة السّجون والتي عليها إجماع وطني لا يختلف عليه اثنان كقضيّة المرضي التي تؤرقنا جميعا وحتّي تحمي الآخرين من التّعرّض إلى الإهمال الطّبّي الذي تعرّض إليه إخوتنا ودفعوا بسببه ثمنا باهظا من صحّتهم.


                    
           

 

  الحركة الأسيرة بين التّقدّم والتّراجع (2)


هناك الكثير من الأسئلة تتبادر إلى أذهاننا وهي بحاجة إلى إجابات واضحة وصريحة منها ما يتعلّق بالجدوى من الإضراب المفتوح وهل ما زال السّلاح الوحيد والفعّال في مواجهة إدارة السّجون في هذه الأيّام؟

فقد أثبتت التّجارب بأنّ الإضراب المفتوح هو من أنجح أساليب النّضال إذا تمّ التّحضير له داخليّا ووجد مساندة خارجيّة وتمّت إدارته بشكل جيّد، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الموضوع يستحقّ التّضحية لاستقطاب أكبر شريحة ممكنة من الأسرى للانضمام إلى الإضراب ويمكّنها من القدرة على الصّمود والثّبات أطول فترة  ممكنة ممّا يعطي قيادة الإضراب مجالا واسعا للمناورة لثقتهم التّامّة بقدرة القاعدة على الثّبات وقناعتهم التّامّة بعدالة القضيّة التي يناضلون من أجلها وتستحقّ التّضحية مهما كلّف الثّمن، فلا مجال للتّراجع أو للتّردّد، فالعدوّ يدرس حالة الأسرى ومدى قدرتهم على الصّمود والتّعلّم من التّجارب السّابقة ويطوّر أساليبه في مواجهة الإضرابات المفتوحة، وبموازاة ذلك يجب على قيادة الأسرى أن تطوّر أساليبها وتلوّح بخيارات أخرى أثبتت فاعليّتها واختيار الزّمن والطّريقة المناسبين لحصد أفضل الثّمار، كما أنّ علينا أن نضع في نصب أعيننا أنّ الإضرابات الفرديّة والعشوائيّة غير المنظّمة  ترهق الأسير والحركة الأسيرة ولها تبعات مستقبليّة لا تصبّ في صالحنا بحيث تطيل من الإضرابات في المستقبل وهنا تقع المسؤوليّة على عاتق قيادة الحركة الأسيرة.

 

الحركة الأسيرة بين التّقدّم والتّراجع (3)


قد تمرّ أحيانا على الأسير لحظات تتبادر إلى ذهنه أسئلة كثيرة خاصّة عند وقوع حدث معين يحتاج منا إلى استغلاله بما يخدم مصلحة الأسرى، فالقيادة النّاجحة هي من تقتنص الفرص لحصد ثمار معيّنة. فمن المؤسف أن نمرّ على استشهاد أسير نتيجة إهمال طبّي متعمّد مرور الكرام وكأنّ الأمر لا يعنينا وكأنّه شيء لم يكن أو أنّه حدثٌ عابر. فهل نحنُ راضون بالأمر الواقع أم أنّنا غير قادرين على النّهوض والتّقدّم خطوة إلى الأمام؟ أم أنّ الظّروف الموضوعيّة المحيطة بنا لا تساعدنا على المطالبة بأدنى حقوقنا التي كفلتها اتّفاقية جنيف الرّابعة في البنود الخاصّة  بالأسرى؟
لماذا لا تتمّ المطالبة بفحص طبّي شامل سنوي لكلّ أسير للحيلولة دون إصابته بالمرض بالكشف المبكّرعن أيّ مرض يسهل علاجه، فبإمكاننا التّنسيق مع منظّمات حقوقيّة وإنسانيّة وعالميّة داعمة لقضيّتنا وتوكيل محامين ذوي خبرة وكفاءة عالية في القضاء للدّفاع عن حقوقنا بكلّ وسيلة ممكنة وفي كلّ المحافل لانتزاع حقّنا المسلوب وتفعيل دور الإعلام المحلّي والعالمي والمرئي والمكتوب والمسموع لخدمة قضيّتنا، فإذا تضافرت هذه الجهود وغيرها مجتمعة فلن نخرج صفر اليدين بإذن الله.
فهل نمتلك هذه الإرادة والعزيمة!!!
أسأل الله عزّ وجل أن تلقى رسالتي هذه آذانا ًصاغيى وأن يجعل الله فرجا قريبا إن شاء الله.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم الأسير محمود كليبي من سجن ريمون

 

تمّ التدقيق والتّحرير

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى