عين على السجونواقع السجون

الأسرى في رمضان خليّة نحل رغم التّنغيص

بقلم : رياض الاشقر

قد يعتقد البض بأنّ شهر رمضان ضيف ثقيل على المحروم ن من الحرية والتّنقّل، الذين يقضون اوقاتهم ب ن جدران أربع
وسط منغّصات وتضييقات لا حصر لها. قد يكون العكس صحيحا حينما يتعلّق الأمر بالأسرى الفلسطينيّين في سجون الاحتال الصّهيوني والذين ينتظرون قدوم هذا الضيف بشغف كبر، ويخلقون لأنفسهم جوّا من المرح والسّعادة لا يخلو من المرارة في بعض الأحيان عند استذكار الأهل والأحبّة والأبن¦اء، ويستعدّون له قبل شهر من قدومه بتجديد النّيّ¦ة والاحتساب وتزيّن
الغرف بما تيسّر من ورق ملوّن وأقمشة وغيرها، وتوضع برامج إيماني¦ة خاصّة للاستفادة من كلّ دقيقة في هذا الشّهر الفضيل.

في شهر رمضان تتحوّل السّجون إلى خليّة نحل بكلّ ما تحمله الكلمة من معى حيث يضع كل أسر لنفسه برنامجا تعبّديّا خاصّا به، يشمل حفظ جزء من القرآن الكريم خال شهر رمضان، ف رى كلّ أسر يحمل مصحفه ويسر من زاوية لأخرى، للحفظ والتّمكن، بينما يتجمّع آخرون في حلقة علم، وغيرهم يسعى لقراءة عدد من المجلّدات في قضايا فقهيّة معيّن¦ة، واخرون يجتمعون في حلقات لدراسة قضايا دينيّ¦ة هامة، والابتهال إلى الله  بالدّعاء… هكذا تب¦دو الأجواء طوال الشّهر
الفضيل.
إضافة إلى الجانب التّعبّدي والإيماني من قيام اللّيل، والتّهجّد، وقراءة القرآن، فهناك برنامج اجتماعي أيضا وترفيهي للأسرى
فعلى الصّعيد الاجتماعي تنشط الزّيارات بين الغرف وتبادل الوجبات والحلويّات كبديل عن زيارة الأرحام خارج السّجون،
كذلك يعدّ الأسرى برامج ترفيهيّة من مسابقات وأمسيات وحلقات سمر وغيرها، ويحاولون بذلك خلق واقع جديد يكون قريبا
من الأجواء خارج السّجون.
يضيق الاحتال ذرعا بهذه الأجواء الإيمانيّ¦ة الي لا تلقي بالاً للأسر والقيود، فيحاول التّنغيص والتّنكيد على الأسرى
لكسر فرحتهم باستقبال هذا الشّهر المبارك،
بعدّة إجراءات وممارسات قمعيّة تزيد من أوضاعهم صعوبة وقساوة، وخاصّة عمليّات التّفتيش والاقتحام والي تستمرّ
أحيانا من الصّباح حىّ موعد الإفطار، أو تبدأ بعد الإفطار وتنتهي بعد أذان الفجر بعدّة ساعات، إضافة إلى تقديم طعام سيّء
للأسرى كمّا ونوعا، ورفع الأسعار في كنت السجن بشكل مبالغ فيه عن الأيام الأخرى
في غر رمضان، وذلك لإرهاق الأسرى ماليّا، واستنفاذ مخصّصاتهم الماليّة الي تصل إليهم من ذويهم، وتفرض عليهم كذلك
شراء أصناف محدّدة قد لا يرغبون بها إضافة إلى رفض إدخال مبلغ كنت ن إضافي في شهر رمضان من أجل تمكينهم من شراء
احتي اجاتهم الأساسيّة، إمعانا في التّضييقعليهم.
ولا يخلو الأمر من قيام الإدارة بمصادرة المراوح من غرف الأسرى، أو منعهم من شراء مراوح إضافيّة، وخاصّة في السّجون الي
تقع في المناطق الصّحراويّة، حيث الحرارة والرّطوبة مرتفعتان وتزداد قسوة مع الصّوم، ممّا يحوّل الغرف إلى أفران حارّة، وكذلك
تنفيذ تنقّات ب ن الأقسام والسّجون لعدد من الأسرى، وهذا يخلق حالة من الإرباك والتّوتّر لدى الأسر، الذي يحتاج لعدّة أسابيع حى يتكيّف مع الوضع الجديد، إضافة إلى مضاعفة عمليّات عرض الأسرى على المحاكم في رمضان لما فيها من معاناة وتعب وسفر عر البوسطة لساعات طويلة، وقد يرافقها اعتداء على الأسرى. وامعانا في التّضييق أكر على الأسرى تعطّل إدارة مصلحة السّجون إدخال الأغراض الخاصّة بشهر رمضان كالتّمور وزيت الزّيتون والحاجيات الي يستخدمها الأسرى
لصناعة الحلويات، والي تحضرها المؤسّسات المختصة أو الأهل خال الزّيارة. ورغم هذه المنغّصات فإنّ الأسرى يتعالون على جراحهم ويتن¦اسون آلامهم، ويحاولون أن يعيشوا رمضان بكلّ تفاصيله خلف القضبان، وأن يخلقوا أجواءَ ممزّة لا يعكّرصفوها قمع الاحتال وإجراءاته القميئة الي يلجأ إليها لدفعهم بعيدا عن عباداتهم وبرنامجهم الرّمضاني الخاصّ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى