زاجل الأسرىغير مصنفكي لا ننسى

أسرانا في سجون الاحتلال

بيننا وبينكم إعلامٌ زائفٌ وجبان

كتب: أحمد سعد

“بدأ الأسرى في سجون الاحتلال، خلال الساعات الأولى من صباح اليوم، إضرابهم الشامل عن الطعام، حتى ترضخ إدارة السجون لمطالبهم”، كان هذا خبراً عاجلاً قرأه الجميع، غير أن ما لفت انتباهي هذا اليوم، هو أنني سمعت هذا الخبر، لا بل رأيته بنفسي، يُعرض على القناة الأولى المصرية، قناة بلدي، ولولا رؤيتي للخبر لما كنت سأصدق بأنه وأخيراً، هناك من يتحدث عن الأسرى في التلفاز الرسمي المصري.

كنت أحاول مداراة نفسي، وتقبل الحقيقة، والظهور بمظهر المنبهر أمام الجميع، بأن قضية الأسرى وأخيراً، أخذت نصيب الأسد من حصة الإعلام العربي ككل، بل إعلام العالم بأسره، تلك الحقيقة التي كنت أخفيها على نفسي، وهي أن التعامل مع القضية سينتهي خلال يومين أو ثلاثة على الأكثر؛ ذلك أن التعامل مع قضية إضراب الأسرى، لم يكن لدوافع وطنية، بقدر ما كان اهتماماً بحدثٍ ألمَّ بالساحة وسيأخذ نصيبه برهةً وينتهي الحديث عنه، حتى ولو لم ينتهي الحدث نهائياً.

هذا ما حدث بالفعل..

كل يوم كان التعاطي مع الحدث يقل إلى أن أصبح نادراً، وعادت الصفوف كما كانت عليها في السابق “لا أسرى…لا احتلال” وعاد الإعلام ليقول مرة أخرى “إسرائيل”.

كنت على يقين تام بأن الإضراب سيفشل؛ بعد أن تخلى عنه الإعلام، فكيف للشارع العربي أن يساند إضراباً لا يعرف عنه شيئاً، وقلَّما كتب أحدهم عنه شيئاً خارج فلسطين.

بدأت أشعر  بأن هناك تعليمات جاءت بعدم التعاطي مع الإضراب بصورة كبيرة، حتى أن يوم النصر أيضاً كان محبطاً بالنسبة لي، حين وجدت أن التعامل مع الحدث أقل من الطبيعي وليس هذا ما يجب أن يحدث.

أكتب الآن بصفتي مواطناً عربياً لا بصفتي الصحفية، “الإعلام كعادته دائماً خدعني وخدع الجميع في البداية، حين مثَّل بأنه يتعامل مع حدث وطني قومي يهم الجميع، لتنكشف الحقيقة بأنه يتعامل مع حدث على الساحة فقط يملأ فراغ الإعلام إلى أن يأتي غيره”.

كنت أضحك حين يخرج علينا إعلاميونا الأفاضل على الشاشات يعلنون تضامنهم مع الإضراب ويشربون “مي وملح” هكذا كانوا يرون مساندتهم للقضية، وقتها قلت لأصدقائي: بدلاً من المتاجرة وشرب الماء والملح كان من الأجدر بهم أن يقفوا ويوجهوا إعلامهم الناقد للرؤساء العرب وملوكهم على تخليهم عن القضية بهذا الشكل، كان من الأجدر أن يكون هناك متابعة يومية ومستمرة تُذكِّر الشعوب العربية بأن هناك مصطلح اسمه أسير.

الحقَ أقول، إضراب الأسرى كشف لنا أكثر مما كنا نعرف عن مدى زيف الإعلام وخوفه في مثل تلك القضايا التي أصبحنا وللأسف نخدم فيها الاحتلال، أيها القارئ: إضراب الأسرى ما هو إلا مثال بسيط أحببت أن أشرح عبره مدى تخاذلنا، وأنا أول المتخاذلين، ولا أبرئ نفسي من قضيةٍ بِعناها بأرخص الأثمان.

وأخيرا أسرانا في سجون الاحتلال، بصفتي مواطناً عربياً أقولها لكم: بيننا وبينكم إعلامٌ زائفٌ، ولكن قلوبنا لازالت تحبكم، وعقولنا لا زالت تتذكركم، والخير فيكم إلى ليوم الدين.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى