
كتب: أحمد عبد الله
“طالعة بإذن لله”، بهذه الكلمات استقبلت الأسيرة شروق دويّات حكمها، بإرادةٍ قويةٍ وعزيمةٍ صلبة قادرةٍ على هزيمة السجان، وتحطيم الأغلال والهروب نحو الحرية، فرغم الأسوار العالية، ورغم حكمها الجائر، الذي صدر بحقها ومدته 16عاماً، إلا أنه لا زال لديها أملٌ بالحرية.
تتخيل شروق أن هناك من سيأتي ليوقف الزمن، لكن، كم سيوقف من الزمن؟ تتخيل أنها ستعود لتعانق شمس الحرية، ستعود لحضن والدتها..للأم الصابرة.
ستعود لتواصل تعليمها كغيرها من صديقاتها، ستعود لتذهب رفقتهن إلى رحاب المسجد الأقصى، ذلك المكان الذي تربت فيه وترعرعت، ولأجله ثارت.
قبل أيام قليلة دخلت الأسيرة شروق دويّات، من قرية صور باهر، قضاء مدينة القدس المحتلة، عمر العشرين، دخلت عمراً جديداً داخل الأسر، فقد اعتقلها الاحتلال بتاريخ 7/10/2015، بتهمة محاولة تنفيذ عملية طعن لمستوطن على أحد أبواب المسجد الأقصى.
شروق أصيبت بعدة طلقات نارية آنذاك، عقب أن أطلق عليها مستوطنٌ حاقدٌ نيرانه، أثناء مرورها من البلدة القديمة في مدينة القدس.
عامٌ مرَّ قبل أن تصدر محكمة الاحتلال في القدس حكم 16 سنة بحق الأسيرة شروق، علاوةً على وجوب دفع ذويها لغرامة مالية وقدرها 80 ألف شيقل، إضافةً إلى سحب الإقامة الدائمة عنها.
والدة الأسيرة شروق، أم إبراهيم دويّات، أكدت على أن ابنتها أصيبت بعدة رصاصات نقلت على إثرها للمستشفى، شروق مكثت ثلاث أيامٍ في المستشفى، مدةٌ لم تكن كافية لتتماثل للشفاء، غير أنها قاومت وتعافت من آثار الإصابة.
الأسيرة شروق هي إحدى الأسيرات اللواتي عانينَّ من ملف الإهمال الطبي، لكنّ الأم الأسيرة المحررة لينا الجربوني، ساعدتها في التغلب على هذه المرحلة الصعبة داخل الأسر، فقد كانت لها الأم والأخت والصديقة.
تصف أم إبراهيم دويّات لمجلة سراج الأحرار، كيف مرت عليها لحظات اعتقال طفلتها، فتقول” كنت في غاية الخوف والوجع، وصلت حدود الموت في كل ثانية لأني لا أستطيع رؤية شروق أو الاطمئنان عليها، لم أكن أعلم أن هناك أماً حنون تعتني بطفلتي، تداوي جروحها، تساعدها، وتسهر على راحتها”.
40 يوماً مرت على عائلة الأسيرة شروق دويّات، لم تعلم فيها ما إذا كانت طفلتها بخير أم لا، وحين سمح لهم بزيارتها، كانت أم إبراهيم تنصت لحدث طفلتها حول عناية المحررة الجربوني بها، كيف أنها قصت لها شعرها، وأقامت لها حفل عيد ميلاد، كيف علمتها حفظ القرآن، والتاريخ والأدب.
كانت تخبر والدتها كيف اعتادت لينا الجربوني آنذاك على تجهيز الأسيرات للمحاكم والبوسطة، وتجهز لهن الحمام والملابس والطعام حين يعدن، فهي الأم الحنون لكل الأسيرات.
تستطيع أم الأسيرة شروق دويّات أن تزورها كل 15 يوم، عقب تعافيها من الإصابة، وحتى موعد حرية طفلتها، ستستمر والدة الأسيرة شروق في التساؤل: إلى متى سيصمت العالم عن أحكام الاحتلال الجائرة بحق الأسرى والأسيرات؟!.