
كتبت:هبة الجندي
بين الحين والآخر، حين نغفل نحن عن قضية الأسرى تطل المقاومة الفلسطينية بفيديو جديد تنشره عبر وسائل الإعلام، تبث عبره رسائل عديدة أهمها وأبلغها أن الليل الطويل الذي يغرق به الأسرى سينتهي بعد فترة وجيزة، بقليلٍ من الصبر وكثيرٍ من الإيمان والثقة.
لا شك أن تلك الثقة تنبع من تجاربَ عديدةٍ واقعيةٍ وجليةٍ أوفت بها المقاومة الفلسطينية بذراعيها السياسي والعسكري، حين قالت أنها ستعيد أسراها إلى بيوتهم وأحضان أطفالهم، فما لبث عام 2011 أن كشف عن صفقة تبادل للأسرى بعد اجتهادٍ وعملٍ مضنٍ وتفانٍ في الحرص على تسليم الصهاينة جنديهم الأسير جلعاد شاليط.
ما الجديد؟
حاول ويحاول وسيحاول الاحتلال، بشكلٍ مستمر، النيل من العزيمة الفلسطينية، فهو يُثقل بوحشيته على قطاع غزة أكثر من الأراضي الفلسطينية المتبقية؛ والسبب يعود في ذلك إلى تمركز المقاومة في القطاع، وعلى الرغم من ذلك، فإن المقاومة التي لن ولم تقف مكتوفة الأيدي، تمكنت من تحويل محنتها إلى منحة، فراحت تستغل الغارات الجوية التي يشنها الاحتلال بين الفينة والأخرى في محاولة لأسر المزيد من الجنود لخوض صفقات تبادل جديدة.
شاؤول آرون هو الجندي الذي من المتوقع أن يكون لعبة الشطرنج القادمة في صفقة باتت أقرب من أي وقتٍ آخر، فقد تحدثت بعض الأطراف عن محادثات أولية تجري بين الطرفين ( المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني) بصدد إتمام صفقة التبادل، إلا أن الوسيط هذه المرة أخذ نصيب الأسد من الأسئلة والفضول.
قبل ستة أعوام رَعت مصر صفقة التبادل وساهمت بشكلٍ كبير في إتمامها، إلا أن القيادة المصرية الآن أصبحت غير قادرة على خوض غمار هذه التجربة، خاصة بعد عجزها عن تسيير الشأن المصري الداخلي بادئ ذي بدء.
الطرف الأقوى
تبدو حماس اليوم الطرف الأقوى في معادلة التبادل، ويظهر هذا بشكلٍ جلي بلسان القوة والثقة الذي تتكلم به مطالبةً بالإفراج عما يزيد عن الخمسين أسيراً ممن قام الاحتلال بإعادة اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في صفقة التبادل، وهو ما اعتبرته حماس عبثاً وإخلالاً بميثاق الصفقة.
ومع محاولة العديد من الأطراف التدخل في الشأن الفلسطيني رفضت المقاومة أي نوع من أنواع المحادثات الخارجية الغير مباشرة بينها وبين العدو الصهيوني، وذلك من باب أن الطرف الأقوى هو صاحب كلمة الافتتاح في المعارك والحروب.
مستجدات
في خطبة عيد الفطر السعيد الذي انقضى، كان لقضية الأسرى نصيبٌ من كعك العيد اللذيذ في كلمة يحيى السنوار، أحد قيادات حركة حماس في قطاع غزة، فقد أكد السنوار على أهمية تحرير الأسرى والسعي المستمر لذلك، على الرغم من أنه لم يكشف عن أي تفاصيل جديدة في هذا الشأن، ولا عن الوسيط الثالث بين الطرفين.
لا شك أن صفقة التبادل الجديدة ستمثل منعطفاً مهماً في العلاقة بين الشارع الإسرائيلي وحكومته المُحتلة؛ وذلك لأن نتنياهو لا زال حتى اللحظة متمسكاً بقراره بعدم الانصياع إلى حماس بحجة أن الجنود الصهاينة قد قُتلوا في حرب غزة الأخيرة 2014، ولم يتم أسرهم، وهو ما سيعرِّي سياساته الفاشلة تماماً.
يثق الفلسطيني بمقاومته الباسلة وبكونها – على الرغم من الأوجاع والفقد– لا زالت تحفظ ما بقي من ماءِ الوجه العربي في ظل الصراعات والاقتتال والفتن المحيطة بكل الدول العربية، كما ويثق بأن المقاومة لن تدَّخر جهداً لإعادة الجنود الأسرى، وجنرالات الصبر إلى بيوتهم آمنين، مطمئنين.