القدس المحتلةشؤوون الأسرى

المرابطات… خطّ الدفاع الأوّل عن الأقصى

 

كتب : رياض الأشقر

في ظلّ غياب الدّعم العربي والإسلامي سواءً السّياسي أو المادّي وحتّى المعنوي ومع تصاعد حدّة المخاطر التي تحيط بالمسجد الأقصى المبارك منذ سنوات عديدة، من محاولة تهويد مستمرّة وطمس للمعالم الإسلاميّة والتّخطيط للاستيلاء عليه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، انبرت نساء فلسطين وتحديدا المقدسيّات في الذّود عن المسجد الأقصى المبارك من اعتداءات الصّهاينة وقطعان المستوطنين، فبرزت ظاهرة  “المرابطات”.

شكّلت المرابطات الفلسطينيّات خطّ الدّفاع الأوّل عن المسجد الأقصى، وتحمّلن إجراءات الاحتلال التّنكيليّة والقمعيّة بحقّهنّ من ضرب واعتقال وإبعاد وحبس منزلي وغرامات مالية ووضعهنّ على اللّوائح السّوداء وغيرها من الإجراءات التي تدلّ على عداء وحقد واضح من قبل الصهاينة لهؤلاء المرابطات المجاهدات االلّواتي دافعن باستماته عن قدسيّة المسجد الأقصى و منعن تدنيسه من قبل عصابات المستوطنين العشرات من المرّات.

والمرابطات هنّ نسوة ولكنّ الواحدة منهنّ بألف رجل ارتضين أن يشكلن درعا حاميا وحارسا لأكثر الأماكن قدسيّة بعد البيت الحرام، وضحّين بأوقاتهنّ ومالهنّ وأعمالهنّ وبيوتهنّ وتركن أزواجهنّ وأولادهنّ من أجل الأقصى، فيما يقطع بعضهنّ مئات الكيلومترات من داخل الأراضي المحتلّة عام 48، متحدّيات جميع حواجز الاحتلال ومحاولات عزله للمدينة المقدّسة، ليصلن إلى المسجد ويدافعن عنه، لا يهمّهنّ حرّ الصّيف أو برد الشّتاء، في ظاهرة فريدة شكّلت درسا لكلّ المتخاذلين والمحبطين والمرجفين وأصحاب الأعذار.

وأصبح تكبير المرابطات في ساحات المسجد الأقصى يهزّ أركان الغاصب المقتحم للأقصى، حتّى بات التكبير تهمة تعتقل من أجلها وتحاكم وتبعد عن ساحاته لأسابيع وشهور، كما شكّلن دعما لوجستيّا للشّبّان الذين يخوضون مواجهات مع الاحتلال حول المسجد الأقصى، فقدّمن الماء والدواء والحجارة لهم.

كان آخر ضحايا الاحتلال من المرابطات هو اعتقال المرابطتين “خديجة خويص” و”هنادى الحلوانى” وهما من أكثر المرابطات وجودا أمام بوّابات المسجد الأقصى وتعتبران الدفاع عن الاقصى من أقدس القدسيّات، ومن أفضل مراتب الجهاد ، حيث اقتحم جنود الاحتلال منازلهما ليلاً واعتقلهما وتمّ التحقيق معهما في مركز المسكوبية ووجّهت لهما تهمة إثارة “الفوضى” والتّسّبب بـ”العنف”، وأفرج عنهما بعد أيّام بشروط ، تشمل إقامة جبريّة في المنزل لمدّة 14 يوم، ومنع الاقتراب من المسجد الأقصى المبارك 30 يوما، ومنع سفر ومنع دخول الضّفّة الغربيّة 6مدّة  أشهر، ودفع كفالة 5000 شيكل.

منذ اندلاع انتفاضة القدس في الأوّل من أكتوبر لعام 2015 ، اعتقل الاحتلال ما يزيد عن 40 من المرابطات، بينهنّ قاصرات لا تتجاوز أعمارهنّ 16 عاما، وأخريات مسنّات تجاوزت أعمارهنّ 60 عاما. وتتصاعد حدّة الاعتقالات في صفوف المرابطات مع تزايد المواجهة مع الاحتلال حول أبواب المسجد الأقصى، ويفرض الاحتلال إجراءات قاسية ردعيّة بحقّ المرابطات لمنعهنّ من الاستمرار في التّواجد في ساحات المسجد.

ومن الإجراءات القمعيّة التي تتعرّض إليها المرابطات: الاعتقال والاعتداء عليهنّ بالضّرب المبرح والسّحل على الأرض في بعض الأحيان، كذلك التّحقيق القاسي في المسكوبية أو مراكز شرطة الاحتلال المنتشرة فى مدينة القدس وخاصّة مركز “القشلة”، وكذلك إصدار أوامر من المحاكم بالإبعاد عن المسجد الأقصى لأسابيع أو شهور ولا يسمح للمبعدات بدخول المسجد الأقصى أو التّواجد قرب ساحاته ومن يتمّ اعتقالها تُفرض عليها أقسى العقوبات، ومنع بعضهن من السّفر خارج البلاد، بعد وضع أسمائهنّ ضمن “القائمة السّوداء” كذلك يفرض الاحتلال الحبس المنزلي على المرابطات اللّواتي يتمّ اعتقالهنّ بحيث تبقى المرابطة رهينة الحبس فى منزلها لأسابيع أو شهور وتمنع من الخروج لأيّ سبب كان.

ورغم كلّ تلك العقوبات والمضايقات فإنّ لسان حال المرابطات يقول ” لن نغادر ولن نترك الأقصى لكم ، فهذا ديننا وعقيدتنا وسنبقى ندافع عنه حتّى يتحرر من دنس الصّهاينة أو نستشهد من أجل ذلك.”

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى