
مقالة جديدة من الأسير البطل أبو خطاب إسلام حامد بمناسبة مرور عامين على اعتقاله ومكوثه في سجون بني صهيون وقبلها في سجون بني جلدتنا من أهل الظّلم والطّغيان…
“بداية عام جديد في الاعتقال”
أكتبُ كي أكسر صمت المحيط، صمتٌ يؤرق الكونَ بثقله، ومحيطُ تذرفُ دموعُ بأهله، فيهِ نفوس مبعثرة تنتظر الفرجَ من خالقها، تسيرُ إلى اللاّنهاية، كلّ واحد منهم يسبحُ في فضائه الواسع ،لا فضاء السّماءِ أقول ، بل فضاء نفسه، يبحثون فيها عن كلّ شيء كأحلامهم الشّاردة، أو رسوماتِ أحباب تخيّلوهم بين النّجوم، أو أيّ شيء قد يصادفهم في السّماءِ والنّجوم، في أرضِ ذواتهم المكلومة، يبحثُ هناك لعلّه يجد الأمل أو السّراب، هم يبحثون، وأنا لستُ بعيدا عن أحوالهم، سأعيش معهم حالهم، وأتجاوزها الى حالي، حاليَ التي أطلقت لنفسها العنان، وتركت لها المدى بأفكار التّمرّد على المكان والزمان، مدىً يستفرد بثورة ملأت الوجود قتالاً ،سأنتقل من حالِ محيطي إلى عالمي الواسع، أتميّزُ فيه بدفق الألم المتكرّر، في قلبي له طعمٌ متغيّر، فأجد التّرياق له بين التّسابيح، تصحبني السّعادة والأمل، أتألّم أو لا أتألّم، فأنا في رحاب الله أعيش الفرحة الأبديّة والجمال السّرمدي والدّفء الممتع. وهكذا لا أكون هنا بل أتدبّر في سمائك يا الله، لهؤلاء الذين يقتاتون على آهات الكائنات، الذين ينكرهم التاريخ، فلا تعريف لهم، فعندهم يحرق التّاريخ أوراقه كي لا يذكرهم، وهم بظلمهم وقتلهم وإفسادهم بين النّاس يقذفهم التّاريخ بالحجارة، فلا يحتفظ بعاري خلقتهم وشذوذ أفكارهم وقبح أحلامهم، أفلا يستحي من بنفسه فيذكرهم، يوقف التّاريخ عن الكتابة عندما تذكرُ أسمائهم ويصيح في أرجاء المعمورة فيقول كم هي ثقيلة أسماؤهم على سمعي، يريدونني أن أشعر بألم فوضعوني في منفاهم، وقيّدوني برؤيةِ أشكالهم جبرا في كلّ يوم، وسمّموا أجوائيَ التي كانت تملؤها أصوات العصافير الصّغيرة بلغتهم العقيمة، هي حروفٌ أشتبكت في ما بينها ،فأُخرجت إلى العالمِ فكانت نشاز الطّبيعة. لكن!!هم يظنّون بأنّي أتألّمُ عندما يتفنّنون بتعذيبي، فكيف لي أن أتألّم وأنا قد قارعت الموت على أيديهم، وانتصرت عليهم بتكبيرات الحقّ العالية، في قمّة الجبلِ قلتُ الله أكبر فصاحت وديان الأرضِ مردّدةً لبّيك الله أكبر، فإليكم يا ظلامَ الأرض وأسياد الظّلام فيها لن أرحمكم، سأنزفُ من دمي وسيل معاناتي وآلامي كي أتحدّث مع التّاريخ عن خيانتكم، ظلمكم وطغيانكم وقبحكم، وأنّ قلوبكم قد أعطبها العفن، ودنّست بالخطيئة فكلّلت بالخيانة، لن أُفاوضكم ولن أصالحكم. ولا تنسوا الكلمات نحن نقاتل ننتصر أو نموت.
وكلماتٌ لقائلها تعيش في مسمعي تقول:
لا تصالح
ولو توّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيك..؟
وكيف تصير المليكَ
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
.. كيف تنظر في يد من صافحوك
..فلا تبصر الدم
في كل كف؟
إن سهماً أتاني من الخلف
سوف يجيئك من ألف خلف
لا تصالح
ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ
والرجال التي ملأتها الشروخ
هؤلاء الذين يحبون طعم الثريد وإمتطاء العبيد
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ
لا تصالح
فليس سوى أن تريد
أنت فارس هذا الزمان الوحيد
وسواك .. المسوخ!!!؟
أبو الخطاب إسلام حامد
معتقل إيشل في السّبع.