زاجل الأسرىكي لا ننسى

الأسرى المرضى والقيد المزدوج

كتب : عصمت منصور


وفق كلّ المعايير والأعراف الإنسانيّة فإنّ الإنسان المريض يعتبر -وبغضّ النّظر عن مكان وجوده- حالة استثناء تستدعي المراعاة والمعاملة الخاصّة والرّعاية الضّروريّة والمتواصلة. فالأسير المريض هو مريض أوّلا وحاجته إلى العلاج مسألة لا تخضع إلى النّقاش إنسانيّا وأخلاقيّا وقانونيّا.
ومن خلال تجربتي في الأسر ومعاشرتي للأسرى خلال عشرين عاما من الاعتقال أستطيع أن أشهد بثقة أنّ مصلحة السّجون تنتهك هذا الحقّ بشكل مقصود وممنهج وتستغلّ ضعف الأسير ومرضه من أجل ابتزازه وإذلاله وكسر إرادته.
والسّجن في الحالة الصّهيونيّة منتج للأمراض بسبب انعدام التّهوئة والاكتظاظ وعدم التّعرّض إلى الشّمس وسوء التّغذية والضّغط النّفسي  وغيرها من العوامل التي تُنهك جيد الاسير وتُسكنه أمراضا مزمنة مثل الرّبو والأمراض الجلديّة وضعف البصر، هذا في حالة الأسير المعافى والشّابّ فما بالك بالأسير المصاب بالرّصاص أو مبتور الأطراف والذي تخترق جسده كمّية من الشّظايا أو الكبار في السّنّ أو الأطفال.
و بالإضافة إلى هذه الظّروف السّيئة التي تورث الأمراض للمعافين من الأسرى وتزيد من تردّي حالة المرضى والمصابين وكبار السّنّ الذين يعانون من ضغط الدّم والسّكري وأمراض القلب فإن إدارة السّجون تتعمّد استنزاف جسد الأسير وإرهاقه وترك المرض يتغلغل في جسده من خلال سياسة الإهمال الطّبي.
وتتمثّل سياسة الإهمال الطّبي في سوء المعاملة وعدم تقديم العلاج والقيام بفحوصات لازمة وتأخير إجراء العمليّات من جهة وفي نقص إعداد الأطبّاء والممرّضين والعيادات وعدم توفّر مشفى خاص بالأسرى من جهة ثانية بحيث تصبح رحلة العلاج طويلة ومضنية وتتطلب الانتظار لأشهر طويلة.
ويبقى مطلب الأسرى الأوّل في كلّ معاركهم وإضراباتهم عن الطّعام هو تحسين العلاج وظروف الحياة وجعلها أكثر إنسانيّة، وهو الأمر الذي مكّنهم من تحسين ظروف الاعتقال نسبيّا لكنّها تظلّ دوما دون المستوى اللاّئق إنسانيّا، وهو ما يحاول الأسرى مواجهته وتعويض النّقائص عبر اتّباع برنامج حياة صحّيّ قدر الإمكان من خلال ممارسة الرّياضة بشكل منتظم والحفاظ على نظافة أجسادهم وزنازينهم واتّخاذ إجراءات السّلامة لأنّهم يدركون أنّ العلاج الذي يعتبر حقّ بديهيّا لكلّ إنسان قد أصبح أداة قهر وضغط وابتزاز وقيد إضافي في يد السّجّان الصّهيوني.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى