
كتب:- ثامر سباعنه
لقد نصّت المادّة (76) من اتّفاقية جنيف الرّابعة على أن يخضع الأسرى والمعتقلين لنظام غذائي وصحّي يكفل المحافظة على صحّتهم، ويناظر على الأقلّ النّظام المتّبع في سجون البلد المحتلّ، وتقدّم لهم الرّعاية الطّبية التي تتطلّبها حالتهم الصّحية…، وتلقّي طرد إغاثة مرّة واحدة شهريّا على الأقلّ.
فيما أكّدت المادّة (85) من الاتّفاقية ذاتها على ضرورة أن تتّخذ الدّولة الحاجزة جميع التّدابير اللاّزمة والممكنة لضمان إيواء الأشخاص المحميّين، منذ بدء اعتقالهم في مبانٍ تتوفّر فيها الشّروط الصّحية وضمانات السّلامة، ويجب أن تكون المباني محميّة تماما من الرّطوبة، وكافية التّدفئة والإضاءة، وأن تكون أماكن النّوم كافية الاتّساع والتّهوئة. وحول الشّروط الصّحية والرّعاية الطّبية، فقد أكّدت المادّتان (91) و(92) من اتّفاقية جنيف الرّابعة على أنّه يجب أن تتوفّر في كلّ معتقل عيادة مناسبة، يشرف عليها طبيب مؤهّل، يحصل فيها المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طبّية، وأن تجرى الفحوصات الطّبية للمعتقلين مرّة واحدة على الأقلّ شهريّا، حتى تكون هناك مراقبة على الحالة الصّحية والتّغذية للمعتقلين، وكذلك اكتشاف الأمراض المعدية.
طبعا اعتادت سلطات الاحتلال أن تتمرّد على كلّ القوانين والأنظمة الدّوليّة، فهي تضرب بعرض الحائط كلّ القوانين التي تكفل العلاج والمتابعة للأسرى في سجونها، فهناك أكثر من ألف أسير مريض، في سجون الاحتلال، يتعرّضون يوميّا للموت البطيء، بسبب الإهمال الطبي المتعمّد، الذي تمارسه السّلطات الصّهيونيّة بحقّ الأسرى والمعتقلين.
يعاني الأسرى من أمراض ومشاكل صحّية مختلفة، نتيجة الظّروف المأساويّة التي يعيشونها في المعتقلات، فسوء الطّعام المقدّم للأسرى من حيث الكمّية والنّوعية، وعدم مراعاة نظافته، وتدنّي قيمته الغذائيّة، كما لا تراعي الشّروط الغذائيّة للأسرى المرضى والمصابين بالضّغط، أو القلب، أو السّكري.
وتتقاعس مصلحة السّجون عن تأمين مستلزمات العناية الشّخصيّة، والنّظافة، لدرجة أنّ بعض الأسرى المرضى، يمضون شهورا بملابسهم الملطّخة بالدّماء، نتيجة إصابتهم أثناء الاعتقال والتّحقيق، ويشمل النّقص في مستلزمات النّظافة الأشياء اليوميّة الأساسيّة، كالصّابون مثلا، ممّا يضطرّ الأسرى مجدّدا إلى الاعتماد على الكانتين لشراء أدوات التّنظيف، وبالتّالي زيادة استحقاق مادي إضافي على كاهل الأسرى وعائلاتهم، كما تتعمّد مصلحة السّجون حرمان الأسرى المرضى من العلاج، وتنتهج بحقّهم سياسة الإهمال الطّبي، وعدم توفير الأدوية، بل الاكتفاء بالمسكّنات دائما (وغالبا ما يكون الأكمول)، على الرّغم من أنّ عددا من المعتقلين يعانون من إصابات تعرّضوا إليها خلال عمليّة الاعتقال، أو من أمراض مزمنة، وتتعدّى ممارسات سلطات الاحتلال الإهمال الطبي المتعمّد، لتصل إلى استخدام الأسرى كحقول تجارب طبّية، لتجريب الأدوية الخطيرة وإجراء التّدريبات الطبية عليهم، لصالح طلبة الطب الصهاينة.
من أخطر الحالات المرضية للأسرى في سجون الاحتلال الذين يعانون من إهمال طبي متعمّد أدّت إلى صابتهم بأمراض قاتلة حالة الأسير بسّام السّايح من نابلس والذي يعاني من سرطان بالدّم، والأسير ناهض الأقرع من غزّة، حيث أصيب بغرغرينا أدّت لبتر ساقيه بالكامل، والأسير خالد الشّاويش من رام الله، حيث يتعرّض لآلام شديدة نتيجة إصابته بعيار ناري في عموده الفقري أدّى لشلل نصفي له، وكذلك الأسير منصور موقدة من سلفيت والذي تعرض لشلل نصفي أيضا نتيجة إصابته برصاصة في حوضه خلال عمليّة اعتقاله، بالإضافة إلى الأسيرين مراد أبو معيلق ويسري المصري من غزة واللّذين يعانيان من سرطان بالأمعاء.
وكانت هيئة الأسرى قد رصدت المشاكل الطّبية التي يعاني منها الأسرى وأبرزها:
1- المماطلة الطّويلة في تحويل المرضى للمستشفيات، والتّأخير الكبير في إجراء العمليات الجراحيّة.
2- عدم وجود فحوصات دوريّة وتشخيصات مبكّرة للأسرى المرضى، ممّا يؤدّي إلى تفاقم الأمراض ووصولها إلى حالة مزمنة.
3- غياب أطبّاء متخصّصين في عيادات السّجون، ممّا يجعل تشخيص الأمراض ناقصا أو خاطئا.
4- عدم معرفة الأسرى بطبيعة الأدوية التي يتلقّونها، ممّا يضعهم في حالة من عدم اليقين.
5- عدم وجود عناية خاصّة بالحالات المرضيّة النّفسيّة والمصابة بأمراض عصبيّة.
6- عدم وجود عناية خاصة بالمعوقين والمشلولين من حيث مكان الاحتجاز، الأكل، الحركة، الأجهزة الطّبية المساعدة.
7- صمت الأطباء على السّماح للمحقّقين بإجراء تحقيقات واستخدام أساليب تعذيب غير محتملة بحقّ أسرى مرضى أو جرحى أو مصابين.
8- صمت الأطبّاء أمام عدم الاستجابة لطلبات الإفراج المبكّر عن أسرى مرضى من ذوي الأمراض الصّعبة أو التّعاطي مع الشّكاوى العديدة حول عدم تقديم العلاج للعديد من الأسرى المرضى.
9- غياب المراقبة من قبل وزارة الصّحة الصّهيونيّة أو نقابة الأطبّاء أو المؤسّسات الصّحية الدّولية لآليّات العلاج والعناية بالأسرى المرضى في سجون الاحتلال.