أبطال المؤبدات والأحكام العاليةبالورقة والقلم

عروبة صمّاء و كبرياء الحذاء

 

 

كتب: الأسيف البرغوثي


أحبــــّـــائي …..
لقد صدئت القلوب ، وانتحرت الدّموع في كبد المقل
ابتساماتنا احترقت، والرّوح لم تعد تصبو لوهج القبل، رحل عنّا ما تبقّى من الإنسان، مفتقدا خارطة الأمل
أقلامنا لم تعد تنبض بما نريد، و المعاني تحجّرت فلم تعد تتجاوز حروفها.
تقمّصت الدّقائق دور ذلك السّجان الاحمق الذي اغتال شرف الأبجديّة فلم تعد من بعده عذراء
وافترشنا الأرض بآخر رمق تبقّى فينا من إكسير الكبرياء
فلا عجب إذن أن ينطق الحذاء…
لقد وقف الحذاء صارخا في وجه الكفر والطغيان
لقد استهزأ بتلك الوجوه التي تأتيه لتأخذ من صاحبه قولاً تطير به فرحا وتقول لقد هزمنا ذاك الأسد
أتعرفون لمن هذا الحذاء؟ إنّه حذاء ذاك الأسد الرّابض في زنزانته
أستغفر الله بل الرّابض في عرينه
إنّه الأسير البطل عبد الله البرغوثي
أتابع فأقول..
بينما هذا الصّمت الرّهيب يغتال المكان، و من بين تلك الأقلام التي ما زالت تعزف أروع مقدّمة لتفسير الأحلام نطق الحذاء
أيّها النّاس لماذا تغفلون عن قضيّة صاحبي بل أقول رفيقي، نعم رفيقي فأنا من كنت له وسادةً، وكنت له معينا في زنزانته، بل كنت ذاك البحر الذي يستمدّ منه كلماته، فكلما نظر إليّ تذكر بطولاته ضدّ بني صهيون، فيسهل عليه بعدها سرد الكلام، في شتم بني اللّئام…أفيقوا واستيقظوا من سباتكم، فقد طال بكم الأمد
ساعة إذ قلت….
ما ندري بأنّنا من بعد اليوم لن نجد لنا حذاء مثل هذا الحذاء
وكيف لنا أن نغرس هذه الأقدام الملوّثة بكل أقذار الذلّ والهوان، و والخذلان والجبن في حذاء العزّ و الفخر.
عفوا سيّدي الحذاء
ربّما أزعجتك كلماتنا
ربّما اختزلنا جزءا من أحلامك الورديّة
ربّما هفواتنا أطاحت بلحظة عزّ ممّا كنت تصبو إليه
لذلك اعذرنا …
فمن يقف ببابك اليوم هو شيء ممّا تبقّى من رفات تلك العروبة ..التي استباحوا عذريّتها وسط حالة من إدمان الإنصات، وتلذّذ للمشاهدة، فأصبح ما نراه فيلمنا المفضّل الذي نتبادله على أجهزتنا المحمولة
اعذرنا أيّها الحذاء….
فنحن لا نستحق أكثر ممّا نحن فيه الآن
لا نستحقّ ذلك السّموّ الذي طالما تراقصت به مختالاَ
لا نستحقّ كل ما صنعته لنا من مجد
اذهب … فلا يوجد لك مكان بيننا، حتى الأزقّة ستطردك منها القطط..
لا تعجب …. فهل أكثر من أن نركض خلف أحذيتنا
انغرست تلك النّظرات التي أصابنا بها الحذاء بلحاظ طرفه في كبد تلك الجيفة التي تناهشها كلّ ما في الأرض من وحوش، قطط و فئران و حامت فوقها أسراب الذباب
اعذرنا أيّها الحذاء…
فأبناؤنا تتراقص رؤوسهم مع كلّ كأس في تلك الحانات سوداء كانت أم خضراء
أو في تلك الأحضان الدّافئة مع إحدى جميلات العرب من النّساء … لم يعد يعنينا أن تبقى معنا، فميثاق الشّرف الذي اتّفقنا عليه ليس له مكان من الإعراب، بعدما افترشناه ليحقّق لنا الدّفء الوثير في تلك اللّيالي الحمراء
أعداؤنا سادوا علينا و نحن من لا نجيد إلاّ تقبيل الأيادي ورقصة الانحناء
و لا نكتشف ما تبقّى فينا من رجولتنا إلاّ في ساحات البغاء
تعسا لنا ..
و الان اذهب …
اهرب بلا عودة ، تمرّد على تيجان الأمّة و قصورها
التي فقدت من بعد عذريّتها .. الكبرياء
و لم يعد لها أمل إلاّ أن تضرب بمثلك أيّها الحذاء.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى