حلقة وصلكي لا ننسى

الأسرى والإعلام

كتب :- مروان ابو فارة


يشكّل الإعلام في حياة الأسرى نقطة مهمة لا يمكن تجاوزها أو العيش من دونها بسهولة،ذلك أنّ من يملك تواصلا إعلاميا يمكنه أن يطرح قضيته وما يتعرض له وما يريده,ليس الحديث هنا عن طرف واحد من معادلات الإعلام بل هناك أكثر من معادلة للإعلام يوجد للأسرى معها شأن وباع طويل.
المعادلة الأولى،وهي المعادلة التي يكون الأسير فيها المتلقي دون أن يملك الدور الكبير في الـتأثير فيها،وهو الإعلام الذي تفرضه الدولة الصهيونية بدراسة وتأن.فالحديث هنا عن قنوات محدودة تبث رواية محتلة واحدة،تحتاج أن يكون الأسير عارفا باللغة العبرية جيدا أو له القدرة على متابعة السخافات العربية سواء في مجال الأخبار أو مجال الترفيه.غالبا ما تكون هذه القنوات بين 9-11 قناة محتواها في الغالب لا يهمّ الأسير بالصورة التي يظنّها البعض.
يبقى قبل ذلك الحديث عن أنّ تلك القنوات لم يحصل عليها بسهولة ولا يتمّ تغيير بعضها بسهولة،فالقنوات التلفزيونية حصيلة إضرابات كبيرة عن الطعام وتغييرها جاء حصيلة إضرابات أو خطوات تصعيدية من الأسرى،لك أن تتخيل أنّ حركة إصبعك على جهاز التحكم بالتلفاز في بيتك لتنتقل من قناة إلى أخرى تعني في عالم الأسر أن تستعد لخوض معركة ضارية مع السجان ومن يأمره ربما تستمر لأشهر،وهذه القنوات منها خمس قنوات صهيونية بإمتياز وربما يضاف إليها قناة ناطقة بالروسية أو الأمهرية تحمل الرواية الصهيونية،أي أ،ّ الأسير الذي يريد أن يتابع الإعلام يحتاج قبلا لتعلم اللغة العبرية ومن ثمّ هو يشاهد الأخبار في آخر اليوم-الساعة الثامنة مساء-وبعد ذلك تعود تلك القنوات لبثّ ما تبثّه للمواطن الصهيوني،وهذه القنوات الصهيونية لم يتمّ إختيارها لأنّها مميزة بل لأنها مجانيّة عند المحتل،حتى في أخبارها السياسية فهي تعالج القضايا الصهيونية قبل كل شيء ولا تُعنى بالقضايا الأخرى إلا بما يتعلق بمصلحة المحتل فقط.
المعادلة الثانية،وهي أيضا معادلة يتلقى فيها الأسير من الإعلام بصورة مختلفة عن الأولى وهي معادلة الحصول على الصحف،وهناك الصحف العبرية الصهيونية يشترك فيها أسير أو اثنين من كل قسم-أو من يشاء من الأسرى-وهذه الصحف صهيونية بإمتياز تعالج القضايا المتعلقة بالمحتل من كل الزوايا ومن يريد الحصول عليها لا بدّ أنّ يجيد العبرية أيضا،وهناك الصحف العربية التي تصل السجون ولكن بعد إسبوع من صدورها على أقلّ تقدير حيث تكون قرائتها نوع من التسلية لا الحصول على الخبر-هذا إذا وصلت خلال إسبوع-لكنّها غالبا تصل بعد اكثر من عشرة أيام وهي صحيفة واحدة-حتى لا تظنّ أنّها متعددة-وفيها الكثير من المنوعات وليست إخبارية بإمتياز.
إذا فالمحتل يتحكم في الإعلام الذي يصل الأسير سواء من ناحية البث أو من ناحية السماح بدخول المواد الإعلامية وهذا يعني أنّه يظن أنّه يتحكم في وعي الأسير،وهنا يبقى الحديث عن القنوات العربية التي يسمح بمشاهدتها في السجون الصهيونية وهي قنوات فارغة تماما من المسائل الثقافية أو التوعويّة  وقد ثبت مع التجربة العملية أنّ هذه القنوات تابعة للأنظمة العربية بصورتها الشمولية الفجة،فمن يقدم عمره في سبيل تحرر وطنه ماذا يعنيه صيد الشبوط في الصحراء العربية أو ماذا يعنيه كم جنت القينة فلانة أو القيّن فلان جراء حفلة هنا أو هناك؟حتى في الأخبار على القنوات العربية القليلة لا بدّ أن تسمع تهليلا وتمجيدا للحاكم كمقرر يومي وتسمع بعد ذلك أن الشهيد ليس إلا قتيلا وغيره من ترّها ت الإعلام العربي التي تعرفونها،والقناة الوحيدة التي كان الأسرى قبل عقد من الزمن تقريبا تمّ حظرها بدعوى التحريض.
المعادلة الثالثة،وهي المعادلة التي يكون فيها الأسير متحكما نوعا ما بما يتلقاه الأسرى وبما يريدونه،وهذه التجربة الحديث فيها عن قناة أرضية تبث من قطاع غزة ولا يعمُّ بثها كل السجون ،أي أنّ الحديث عن تجربة بدائية تعيد الأسرى إلى الحياة ما قبل الأقمار الصناعية،وهذه القناة مطاردة في السون الصهيونية حيث تصادر المعدات الخاصة بها في كل مرة يعثر عليها المحتل-لا تبتعد في خيالك كثيرا-فالمعدات المتحدث عنها ليست سوى سلكا نحاسيا وقطعة بلاستيكية فقط.
لقد أفردت التنظيمات الفلسطينية لجنة إعلامية تعمل في كل دورة تنظيمية،يكون عملها على الأغلب متابعة قنوات الراديو المحليّة-حسب موقع السجن- ويقوم بنسخ ما يسمعه ثمّ يعمم على الأسرى ليكونوا في صورة تقريبية حول ما يحدث،ومن ثمّ تبقى المحاولات الأخرى للوصول للإعلام فرديّة ومتعلقة بظروف كل سجن على حدى.
المحول الأخير هو محور الإعلام الذي يتناول قضيّة الأسرى،وهو مجال له وعليه،أمّا الذي له فهو انّه عرّف الناس بقضية الأسرى ونقل معاناتهم وجعلهم على الاجندة اليومية لكل حرّ متابع لقضيتهم،أمّا الذي عليه فأنّه يركز على أسرى بعينهم في كل مجال،فمثلا يركز على الأسير المدنف ولا يتحدث عن الأسرى المرضى بنفس الإهتمام،وكذلك يركز على شخصيات من الأسرى ويترك غيرهم وربما يكونوا أمضوا أعواما أكثر من غيرهم من الفئة التي يتناولها الإعلام,والمطلوب ان يتناول الإعلام المهتم بالأسرى الأسرى ككتلة واحدة دون تمييز أو تحيز

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى