شؤوون الأسرىغزة

المهندس الأسير ضرار أبو سيسي

من روسيا إلى قبور العزل

 

كتب : رياض الأشقر

من أوكرانيا إلى مركز تحقيق عسقلان حكاية قد تبدو غريبة لكنّها حقيقيّة وتلخّص مدى إجرام هذا الاحتلال واستهتاره بكلّ القواعد الإنسانيّة وعدم احترام المعاهدات، وتؤكّد على استمرار سياسة القرصنة واستباحة الدّول الأخرى من أجل تنفيذ جرائمه.

إنّها حكاية المهندس الأسير ” ضرار موسى يوسف أبو سيسي”، الذي  ولد في الأردن لأسرة فلسطينيّة عام 1970 ، وأكمل تحصيله المدرسي في مدارسها، وسافر للدّارسة في الاتّحاد السّوفياتي(سابقا) وحصل على شهادة الدكتوراه  بتفوّق في مجال هندسة الكهرباء المائيّة، وتزوّج من روسيّة بعد أن أعلنت إسلامها وأنجب منها خمسة أبناء ثمّ عاد إلى الأردن.

في عام 1999 انتقل “أبو سيسى” للعيش في قطاع غزّة بعد أن التحق بالعمل في برنامج للأمم المتّحدة لتشغيل محطّة توليد الكهرباء في قطاع غزّة، وحصل على لمّ شمل ثم صدر له جواز سفر مؤقّت، وبعد سنوات أصبح نائب مدير المحطّة بعد أن أثبت كفاءته، وفي أواخر عام 2010 سافر إلى أوكرانيا برفقة أسرته من أجل الحصول على الجنسيّة الأوكرانية،  ورؤية شقيقه الذي لم يره منذ سنوات طويلة، وهناك بدأت الحكاية.

في 19/2/2011 بينما كان “ضرار أبو سيسى” متوجّها بالقطار إلى مدينة “كييف” لمقابلة شقيقه “يوسف” القادم من هولندا من أجل رؤيته، اقتحم ثلاثة أشخاص مقصورته وقاموا بمصادرة جواز سفره وإجباره على النزول في “محطّة بلطافا” القريبة، ومن ثم نقلوه مكبّل اليدين ومغطّى الرّأس في سيّارة إلى العاصمة (كييف)، واحتجزوه في شقّة كان يتواجد بها ستّة أشخاص، عرَّفوا عن أنفسهم بأنّهم من جهاز المخابرات الصّهيوني (الموساد).

تمّ التّحقيق معه مباشرة لساعات داخل الشّقّة، ثم نُقل بطائرة حلّقت به خمس ساعات قبل أن تهبط في أحد المطارات، ثمّ نُقل بطائرة أخرى لمدّة ساعة ووجد نفسه في مراكز التّحقيق، حيث تعرّض لتعذيبٍ وحشيّ وقاسٍ على يد المحقّقين في معتقل(بيتح تكفا) لمدّة 20 يوما، ثمّ نُقل إلى تحقيق عسقلان لإرغامه على الاعتراف بدوره في تطوير صواريخ القسّام كما يدّعي الاحتلال، ومُنع من لقاء محاميه ولم يتم التّبليغ عن اختطافه سوى بعد أسبوعين.

بعد انتهاء التحقيق الذي استمرّ لأكثر من 3 شهور متواصلة تمّ نقله إلى زنازين العزل الانفرادي مباشرة حيث كان وزنه قد انخفض إلى النّصف بالإضافة إلى معاناته من أوجاع شديدة في كلّ أنحاء جسده نتيجة أساليب التّعذيب التي تعرّض إليها.

وبسبب التّعذيب وظروف العزل السّيئة والإهمال الطّبي بدأت صحّة “أبو سيسى” في التّراجع حيث أصيب بالعديد من الأمراض التي أثّرت على صحّته بشكل كبير، حيث  نُقل إلى مستشفى “الرّملة” و “سوروكا” أكثر من مرّة وتبيّنت إصابته بجرثومة في المعدة، تسبّبت له بألم شديد ويصاحبها عدم القدرة على التوازن، وفقر بالدّم، كذلك يعاني الأسير أبو سيسي من مشاكل في القلب ومرض الضّغط و غضروف في الظّهر وضيق تنفّس، إضافة الى الآلام المستمرّة في الرأس (الشقيقة)، ولم تقدّم له إدارة السّجن سوى المسكّنات.

ولقد رفض الاحتلال إنهاء عزل الأسير” أبو سيسي”، بعد الاتّفاق الذي أعقب إضراب الكرامة عام 2012

، والذي نصّ على إخراج كافّة المعزولين، وقد خاض إضرابا عن الطّعام في عام 2013 لإنهاء عزله، ووافق الاحتلال على وضع أسير آخر معه في العزل كمرحلة أولى لإنهاء عزله حيث رافقه في الزنانة الأسير “عوض الصعيدي” وفى نيسان من العام 2014 تمّ انهاء عزل الأسير “ضرار”  بشكل نهائي، وجرى نقله إلى سجن نفحة الصّحراوي.

وفي يوليو من العام 2015 أصدرت محكمة بئر السّبع المركزّية بحقّ الأسير” أبو سيسي” حكما بالسّجن الفعلي لمدّة 21 عاما، بعد  4 سنوات من اعتقاله ، فقد إدانته بالانتماء الى حركة حماس والمساهمة في تطوير منظومة صواريخ القسّام.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى