
كتب :ثامر سباعنه
22 عاما فقط عاشها محمود، ومنها ثلاث سنوات في الأسر ، ورغم سني عمره القصيرة فإنّها كانت منتجة، إذ ترك خلفه بصمة لن ينساها كلّ من تعرّف إليه .
وفي هذه الأيّام تمرّ الذكرى الخامسة لرحيله، مع أن ذكراه لا تغيب عن قلوب محبّيه ومن عرفوه.
لعلّ الكتابة عن الشّهداء صعبة، ولكنّي أجد أنّ الكتابة عمّن عرفتهم أصعب وأصعب ، وإنّي لا أملك لذكراك يا محمود سوى الدّعاء لك وذكر بعض ما عرفته عن شخصك.
محمود جمع بين الأسرى والشّهداء، فقد سخّر قلمه ونشاطه ووقته لنصرة الأسرى وتفعيل قضيّتهم بكلّ الطرق المتاحة، خاصّة بعد أن تعرّض هو نفسه للاعتقال فشاهد وعاش الألم والوجع الذي يعيشه الاسرى وأفرج عنه عام 2009، وقد ترك ذلك في نفسه الأثر والرّغبة بنقل ما عاشه ويعيشه الاسرى لكل العالم، وانطلق في نحت مسيرته بلا كلل فلم يكسر الاحتلال والاعتقال إرادته ولم يتراجع يوما عن خدمة قضيّة الأسرى.
أسّس صفحات ومجموعات لنصرة الأسرى على مواقع التّواصل الاجتماعي، ولم يكتف بالعالم الافتراضي على الإنترنت بل نزل إلى الشّارع والحياة العمليّة فنظّم المسيرات ووقفات التّضامن وشارك بالعديد من المشاريع الدّاعمة للأسرى، وكان محمود أوّل من أطلق إذاعة عبر الإنترنت للأسرى وقضيّتهم.
وكان الشّهيد محمود الطّيطي أحد أركان أوّل مجلّة إلكترونيّة للأسرى وهي مجلّة سراج الأحرار التي شارك بتجهيز أوّل عدد لها والذي صدر بعد استشهاده، وكان حلم محمود أن تتحوّل المجلّة الإلكترونيّة إلى مجلّة ورقيه تطبع وتوزّع في كلّ أنحاء العالم.
محمود الطّيطي مثال واضح ورائع للشّاب الفلسطيني الذي لم ينس قضيّته، وإنّنا لانزال حتّى الآن نذكر نشاطه وطاقته المميّزة وأفكاره الجديدة للعمل.
وإنّنا يا محمود لن ننسى وصيّة والدتك لأحبابك وأصدقائك: لاتتركوا درب محمود، لاتنسوا الأسرى.
وأختم بكلمات كان قد قالها محمود في آخر مقابلة أجريت معه قبل استشهاده، عند سؤاله عن طرق نصرة قضيّة الأسرى وتفعيلها، فكانت الإجابة:
“بنظري يجب أن نفعل دور الإعلام ونسلّطه على قضيّة الأسرى… ويجب أن يكون هناك ندوات توعية للشّارع الفلسطيني يتمّ بها التّعرّف على أسرانا وحياتهم داخل الأسر ونعزّز قضيّة الأسرى في قلوب أطفالنا وشبابنا…. وأن ندعو إلى مسيرات واعتصمات تضامنا معهم لأن للاعتصامات دورا كبيرا في نفوس الأسرى أنفسهم. ومن خلال تجربتي في مجال الأسرى أرى أن أكثر الأمور مساعدة على النّجاح في نصرة الأسرى:
أوّلا: دور الإعلام الفلسطيني الذي فعّل قضيّة الأسرى الأبطال
ثانيا: مواقع التّواصل الاجتماعية مثل فيس بوك الذي يضمّ الكثير من الصّفحات التي تختصّ في مجال الأسرى والتي تنشر أخبارهم أوّلا بأوّل وتعرّف العالم العربي والإسلامي على قضيّتهم.
ثالثا: ضرورة تحرّك الشّارع الفلسطيني رغم قلّة تفاعله
يا شعبنا العظيم، يا شعب الشهداء والاسرى والجرحى، يا من عجز الصّبر عن صبركم،
أوجّه لكم التّحيّة وأطلب منكم بأن تقفوا صفّا واحدا لتحرير فلسطين والأقصى والأسرى
وأطالبكم بأن تكون قضيّة الأسرى من أهمّ قضاياكم.”
تمّ التّدقيق والتّحرير