
بقلم : محمّد القيق
يتعرّض الأسرى إلى تصعيد عنصريّ ممنهج من قبل قوّات الاحتلال بحقّهم على كلّ السّبل في إطار الحرب المستمرّة الرّامية إلى ترويض الحركة الأسيرة وتهميش دورها الرّيادي في صناعة الأحداث، في الوقت الذي تعتبر انعكاسا لما يجري في السّاحة الخارجيّة للسّجون من ترهّل للحركة الوطنيّة ما يعني أنّ الاستفراد يتّسع من قبل الاحتلال.
الشّهيد عزيز عويسات ومن قبله جرادات والأشقر؛ قتلهم الاحتلال عمدا بالضّرب المبرح والرّصاص ومعهم أكثر من 260 أسيرا جرّاء الإهمال الطّبي والتّعذيب، تلك الجريمة تعني أنّ استهداف الرّوح المعنويّة الأسيرة وأجساد الأسرى وعقولهم ووحدتهم الوطنيّة يمضي نحو تسارع كبير دون رادع أو موقف محلّي ودولي يلجم تلك الممارسات.
في ظلّ التّرهّل الوطني الكبير والأفق السّياسي المغلق والتّغوّل الصّهيوني والتآمر العربي، تدخل قضيّة الأسرى مراحل خطيرة ليس لأنّ الاحتلال قويّ أو لأنّه حقّق نجاحا في ذلك؛ ولكن في محاولة منه لمنع المقاومة والقسام من تحقيق إنجاز كبير ضمن صفقة تبادل للأسرى، كما أنّ هذه النّظرية متّفق عليها بين أذناب الاحتلال وكلّ أدواته بل ويسعون ليلا نهارا للوصول إلى الجنود الأسرى.
حالة الحصار لقطاع غزّة، تلك البقعة التي ينظر لها الأسرى يوميّا على أنّها أمل الحرّية القادم وكاسرة القيد بقوّة الإرادة؛ تلك الحالة ستتدحرج إلى مواجهة عسكريّة يتآمر فيها الجميع، وبما أنّ تلك التّطوّرات قائمة فبات واضحا أنّ من واجب الحركة الأسيرة والأحرار خارج السّجون من الضّفّة الغربيّة تطوير المواقف.. فالسّكوت على جريمة عويسات وما قبلها وما بعدها جعل الحركة الأسيرة تسقط رويدا رويدا من حسابات اللاّعبين، وهو ما يحتاج إلى مراجعة شاملة حتى لو كانت تلك الحركة لا تضمّ كلّ الفصائل أو بعض المنتفعين المتسلّقين.
ولتأسيس مرحلة جديدة تكون فيها الحركة الأسيرة لاعبا مهمّا لا يمكن تجاوزه بات لزاما أن تتحرّك قياداتها لإعادة الهيبة لها وإسناد غزّة التي هي معقل حرّيتهم، وتفعيل كلّ أدواتها في داخل السّجونوخارجها.
أمّا على صعيد الانعكاس الخارجي فعائلات الأسرى والأصدقاء والأحرار والفصائل المقاومة ومناصريها في الضّفّة الغربيّة التّحرّك بفاعليّة أكبر التزاما بالدّور الكبير المنوط بهم والواقع على عاتقهم في قلب الطاولة، فهذه الشّريحة الأكثر تضرّرا من حصار غزّة وتمكّن الاحتلال منها. فالأمل بعد الله بحرّيّة الأبطال تجسّده غزّة التي تشهد الموت اليومي وسط متفرّجين من مختلف الانتماءات السّياسيّة والتّنظيميّة والجغرافيّة.
وإذا ما أعادت الحركة الأسيرة والأحرار في الضّفّة الغربيّة الحسابات جيّدا للنّظريّة القائمة لدى الاحتلال والمخطّطات القادمة، فإنّ التّرهل سيكون خيانة بل ومساهمة مجانيّة في موت غزة وإضعاف جهودها في تبييض السّجون.