شهداء الحركة الأسيرةكي لا ننسى

الشّهيد عزيز عويسات

قاوم الاحتلال حرّا وأسيرا

كتب : رياض الأشقر


لم يمنعه كبر سنّه ومعاناته من عدّة أمراض من القيام بواجبه في الدّفاع عن أرضه ومقدّساته ومحاربة المحتلّ الصهيوني المجرم، إنّه الأسير الشّهيد “عزيز موسى سالم عويسات” 54 عاما، ابن جبل المكبر في القدس الذي ترعرع ونشأ على حبّ الأقصى وفهم معنى التّضحية من أجله لكي يطهّره من دنس الاحتلال.
قرّر الشّهيد “عويسات ” أن يخوض غمار المقاومة، فاندفع بحماس الأبطال وعزيمة الرّجال، فخطّط لإيذاء العدوّ بشكل موسّع عبر تفجير خطّ الغاز في مغتصبة “أرمون هنتسيف” المقامة على أراضي قرية جبل المكبر، ووضع خطّة لتنفيذ العمليّة. ولكنّ الاحتياطات الأمنيّة التي يتّخذها الاحتلال حالت دون تنفيذه لهذه المهمّة، فقرر أن يستبدلها بعمليّة طعن، فأقدم على طعن اثنين من المستوطنين بتاريخ 8/3/2014 ، وتمّ اعتقاله مباشرة بعد أن أصابهما بجراح خطيرة.
خضع الشّهيد “عويسات” بعد اعتقاله إلى تحقيق قاس وعنيف استمرّ أكثر من شهرين، في محاولة من الاحتلال لمعرفة الجهة التي تقف خلف العمليّة التي نفّذها ومن ساعده فيها، إلاّ أنّه لم يتفوّه بحرف واحد طوال فترة التّحقيق وتحمّل المسؤوليّة لوحده. وبعد تأجيل محاكمته عشرات المرّات أصدرت محكمة الاحتلال المركزيّة بالقدس حكما بحقّه بالسّجن الفعليّ لمدّة 30 عاما بعد أن وجّهت له تهمة الشّروع في القتل والتّخطيط لتنفيذ أعمال تخريبيّة.
عاش “عويسات” آخر عامين في “سجن ايشل” وكان محبوبا من كافّة زملائه الأسرى وخاصّة صغار السّنّ منهم الذين كانوا يعتبرونه بمثابة والدهم، حيث وجدوا فيه حنان الأب وبأس القائد، فلم يفتّ الحكم القاسي فى عضده ولم تضعف عزيمته، ورفض سياسة القهر والإذلال ولم يخضع للسّجّان وواصل إغاظته ومقاومته من خلف القضبان مدافعا عن كرامته وكرامة شعبه خارج السّجن وداخله .
كان يتابع عبر وسائل الإعلام المتوفّرة في السجن أخبار مدينته المقدّسة وأحوال أهلها، وذرفت عيناه حزنا على شهداء غزّة الذين قضوا في مسيرات العودة، ورفع رأسه عاليا بمقاومتها الباسلة وتحدّيها لقوّة الاحتلال الغاشمة، فقرّر أن يوجد له بصمة في التّضامن مع الشّهداء وضدّ تدنيس الأقصى، فقام في الثاني من مايو بسكب الماء السّاخن على  أحد السّجّانين في سجن ايشل.
برز الحقد الصهيوني واضحا في ردّ فعل عناصر شرطة السّجن والوحدات الخاصّة التي استُدعيت على عجل للسّجن حيث كبّلوا يديه خلف ظهره وانهالوا عليه بالضرب العنيف والوحشي بالهراوات والرّكلات وأعقاب البنادق على رأسه ورقبته وبطنه، أكثر من 10 سجّانين تكالبوا عليه، ومن شدّة الضّرب سقطت معظم أسنانه، وتعرّضت كافة أجهزة الجسم للانهيار، وأصيب بتهتّك في الرّئتين ونزيف داخلي نتيجة الضّرب عليهما بقوّة،  وتمّ نقله إلى مستشفى الرّملة.
وإمعانا في استهدافه والتّنكيل به لم يقدّم له الاحتلال أيّ رعاية صحّية رغم وضعه الخطير بسبب الاعتداء، فأصيب بجلطة قلبيّة حادّة نُقل على إثرها إلى مستشفى “تل هشومير” حيث أجريت له عمليّة “قلب مفتوح”. واستمرّ وضعه الصّحي في التّراجع فنُقل إلى مستشفى “أساف هروفيه” ووضع تحت أجهزة التنفّس الاصطناعي. ورفض الاحتلال خلال تلك الفترة إطلاق سراحه بشكل طارئ، وقرّر له جلسة للنّظر في الطلب، إلاّ أنّ روحه الطّاهرة فاضت إلى ربّها قبل موعد الجلسة، فارتقى شهيدا في العشرين من مايو شاكيا إلى الله ظلم الاحتلال وجبروته.
التحق الشّهيد “عزيز” بعشرات الأسرى الذين قضوا نحبهم نتيجة التّعذيب والإهمال الطّبي والقتل المتعمّد، وعند وصول نبأ استشهاده عمّ التّكبير كافّة أنحاء السّجون، وطرق الأسرى على الأبواب والجدران استنكارا لاغتيال زميلهم، وخاصّة في سجن ايشل حيث كان يقبع هناك، وأعلن الأسرى الحداد 3 أيّام وأعادوا وجبات الطعام .
شهيد جديد يقدّم روحه على مذبح الحرّيّة، ولن يكون الأخير .. عشرات الأسرى في سجون الاحتلال معرّضون للموت في أيّ لحظة .. تعذيب قاس .. إهمال طبّي .. أمراض مستعصية .. تنكيل وقهر ..كلّها أرض خصبة لارتقاء الشهداء.
لم ولن ينسى الأسرى “العزيز” على قلوبهم، بل سيظلّ أيقونة المقاومة والتّحدّي داخل السّجون، وستبقى روحه الطّاهرة لعنة تطارد الظّالمين والمجرمين وتقضّ مضاجعهم.

 



 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى