زاجل الأسرىكي لا ننسى

رسالة إلى البطل

كتب: الأسيف البرغوثي

 

إليك أيّها البطل نعم أنت ! أنت أيها الأسير يا من تخوض الإضراب الآن أهدي هذه الكلمات

بقلم العزّ والفخار، بحبر الدّم القاني الفلسطيني، بيد تسطّر أروع ما سطّرته يد البشريّة، تكتب نطقا كلمات من أروع الكلمات، يد تضرب أبواب مضرّجة بالدّماء، رغم أنف العداة والجواسيس، رغم عنجهيّة الصّهيونية وعجرفة العلمانيّة…
أرسل إليك رسالتي محّملة بعبق التّاريخ الأثير، بعطر مسك شهدانا، مغسولة كلماتها بماء التّضحية…
أخي، لا تفقد الأمل، ولا تلتهي والألم، لا تشتكي القدر، ولا تتذلّل لبشر، بل اقصص حكايتك والقمر، واحك لياليك المرر، واضرب أروع المثل…
ارفع يديك للعلا، ولا تكن جزعا عجولا، اشكو لربّك شرّ البلى، وادع أن تكون نهاية الحقّ حقّا…
أخي، أنينك صدّع رأسي، أرعشني، آلمني، أفقدني صبرا، فاعلم أخي أنّ  لا شيء ينسيني تلك الأنّات ولو كانت أموال العالم كلّها أو حتّى ملايين البشر.
أخي، أنا بكلماتي في الخارج أجاهد، وأنت في الدّاخل تناضل، أنا في سجني الكبير السّجين أعاني، وأنت في زنزانة التّحدي تغنّي، تطرب قلب الملايين حين تلحن، ووجه سجّانك الذي لا تفسير له يضطرم، كل ذلك يسعدنا، يسعدنا صمودك، إيمانك، ثباتك على الحقّ للحقّ حقّا في وجه من لا عرف حقا…
أخي ها نحن ها هنا قد ذبنا سويّة وبدأنا بالتّلاشي، قطّعوا أوصالنا، قطّعوا عروقنا، قطّعوا رقابنا، وليكن أنهم قطّعوا عزائمنا، ولكنهم لم لن يقدروا أن يقطعوا أصلنا، لن يقدروا أن يقتلعوا جذورنا، فنحن شعب في أعلى القمم ومن عادانا هو عدوّ الهوينا…
أخي، إذا بالسهام قذفوك، وإذا بالنيران لجموك، بالتابوت هدّدوك، فإياك.. إياك أن تنحاز، إياك واهتزاز رأس، فإن لم تمت بالسيف، بالحديد، مت بغيره، تعدّدت أسباب الموت والموت واحد…
بل اربط جرحك القاسي، وفي عتمة الليل ناد، وبصوتك الشّجيّ أرهبهم، أنّ للخلاص موعدا قادما إن لم يكن اليوم أو الغد فبعد ألف ألف بندقيّة تضرب معاقلهم، ناد وكبّر ولا تخشى في الله خاشية، زمجر ولا تندم، إنّ من ندم هو لنا الظّالم…
أخي، نحن رجال ما اعتدنا النّدب، ليس منا من لم يمسح دمعه اللّجوج، يحطّم قيود معصمه، بقبضته يضرب الحديد يتفجّر نيرانا، برأسه يضرب جلاّده، يسقطه أرض الوغى….
أخي، تجلّد، انهض، فداك أبي وأمي إلى أن تخرج،من إخوتي أعددت لك جنودا، من عظامهم لك الدّروع، من دمائهم لك الماء، من لحمهم لك حين الجوع الطّعام، لا يهمّ، من عينيّ ضياء ووهجا وشرارا إلى أن تصل، من عظمي جسرا تمرّ عليه ولا تغلق بابه، من أظافري خناجر اصنع، من رموشي سهاما تثقب، من دمي سما وطّادا، من شعري حبالا تلجمها حول أعناقهم تنهي حياتهم، من ضلوعي لك دروعا، من كلّ وريد للوريد من كلّ شريان للشريان لك صرخات، من حنجرتي لك مكبّرات، خذ ما شئت منّي واسند للجهاد ولا تتردّد… لك من كلّ حدب وصوب نيران تضطرم لهيبا متطايرا، من كل مطرح ومفعل مركب، من كلّ ناحية وزاوية مبدأ…ولا تتردّد خذ من عمري إلى أن تكتفي، من حياتي إلى أن تمل، من دموعي اشرب إلى أن ترتوي، ولا تتردد…من أعماق أعماق فكري خذ حجّتك ولا ترحل، بل ابق حيث أنت قائم راسخا في ذهني فإنما أنت الشهيد أو الأسير…
أخي، إياك والغرق ونحن في غرّ الأمر، إيّاك والضعف أو الرّحيل ونحن هاهنا ما زلنا في مطلع الطّريق…
أخي، جابه الألم، جابه المرض، تحاشى مخالطة الكسل، أوقد من ذهنك دما ينير سبل الخلاص، ولا تتردّد… فاعلم أنا قيد شارتك، ابق حيث أنت دعني أساعد، فكيف أدعوك وأنا منئي عني؟
أنت الحلّ دونك الحل، إيّاك والجزع، بل اصبر ولا تهتز…إياك والدّمع يراه العدوّ في عينيك، إياك والوجس يتسرب لقلبك فيظن ما لبسته قلبك يداك حديدا، بل هو الحرير هو الفخر هو الحل…ولا تتردد
أخي، اعلم، لا نصر بلا يد ضاربة، ولا عز بلا أسنان قاضمة، اعلم أنه اليوم للشجعان فحسبك، اعلم أنه لمن بين يديه حمل قرآنا وسار، اعلم أنه لمن عمل وما يوما انتظر الجزاء…
واعلم فيما نهاية الكلم أنّ كلّ الظّلام في الكون، ليس بإمكانه إخماد نور شمعة صغيرة….

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى