
كتب: الأسير إسلام حامد من معتقل بئر السّبع إيشل
بسم الله الرّحمن الرّحيم
من معتقل سياسي إلى آخر في ذكرى استشهاد المقاوم باسل الأعرج
أخي العزيز باسل انقضى عام مذ دخلت سجلّ الخالدين، استقبلتك السّماء بالفرحة، وتوهّجت الشّمس خجلاً منك، وازدانت الكواكب بك تلألؤًا، وخشعت القلوب لك محبّةً، فبكت عيوننا لفراقك يا شهيد، تركتنا وأنت النّاظر إلينا من سمائك، مع من ناصبوك وإيّانا العداء، وجعلوا في يديك الأصفاد، ثمّ حاولوا إخراجك من قلب التّاريخِ إلى هامش الجبناء، فصاحت رصاصات سلاحك مزلزلةً، فروح التّاريخ أن لا مكان بيننا للعملاء، يا سيّد الشّهداء بسيف كلماتك أنرت السّبل للسّالكين، ومددت للشّمس طريقا لعيون الغافلين، فتوقّف الكون للحظةٍ، حتّى انتبهت الخلائق أجمعين لكلمة حقٍّ قلتها في وجوه الظّالمين، بأنّ القدس تاج فلسطين، وتحريرها بسواعد المجاهدين، دمانا فداءً لها، فقلت وفعلت يا شهيد، حتّى أصبحت نبراسًا للعالمين، يا أرضُ حدّثيني عن بذور الشهادة التي زرعت فيك، هل حنوت عليها؟ هل سقيتها برحيق شهدٍ تقطّر من بين كلمات الانتصار؟ ضمّيها إليك، فشجر الزّيتون لا ينبت إلاّ في أرضٍ عمَّرها الأحرار، يا أرضُ اقبلي منّا الشّهداء، والفظي حطام أسماء باعوا طهرك للغرباء، ويا “رام اللهِ” هل نسيت شهيدَ جوف اللّيلِ، واستيقظت بلا صباح، هل شهدت حربا خاضها الشّهيد بلا صراخ؟ نظر شهيدنا لعلّ أخاه ينجده في بالسلاح!!
لكن
يقف الأخُ منتبهًا أمام بيت رئيسهِ خلف المتراس، يقظا مشرئبّ الحواسّ، حسّاسا، لم يسمع صوت شهيدنا، فلقد خاض نباله بلا صياح، ينام الرّئيس في خِدرهِ وحرس على بابهِ، وشعب يموت في محرابهِ، لعلّ يومه يبدأ بإشراقة شمس الصّباح، فيا شمس الصباح، ويا عصافير السّماء، ويا نسيم الهواء، لا تلومونا سؤالكم فلقد مات شهيدنا والدّمع نواح ..
“الخيول المسرجة
صهلت لكن هل الفرسان فرسان كما كانوا.. غدا؟
والمهاميز التي تحملها الأقدام .. غاصت في القلوب!
..وسيوف ثلمت!
فقد استأجرها النخاس.. تحمي هودجه!
وسيوف قنعت أن تتدلى عند الاستعراض .. زينة.. وحمائل
حملتها في دياجي الليل أضلاع المقاصل
ودفنا نبلها المقهور في عام البكاء
شبح الفرسان ما زال على وجه المدينة ..
صامتا يأتي إذا جاء المساء
صامتا ينفض أطرافَ الرداء
ويمدّ الجسدا!
فيمدّ الخوف في اللّيل يدا
ثمّ يمضي، يحمل الأكفان، يسري في الدّروب!
يحمل الأكفان أثواب ركوب!
والمهاميز التي تحملها الأقدام .. غاصت في القلوب”
(من قصيدة العشاء الأخير لأمل دنقل)
لقد كسرت كؤوس الظّلام، وهدمت معابد اليهود وبقيت صامدا فينا لا تموت…