زهراتنا الأسيرات

الأسيرة سوزان عويوي ورحلة المعاناة

كتب : هيفاء أبو صبيح

سوزان عبد الكريم أحمد عويوي البالغة من العمر 40 عاما، وهي من مواليد مدينة الخليل، وتحمل شهادة الماجستير ببناء المؤسّسات وبكالوريوس إدارة الأعمال ودبلوم كمبيوتر ودبلوم دراسة لاجئين، وهي متزوّجة ولديها ثلاث أبناء وعد وحذيفة وقتيبة. كانت عائلتها تهنأ بالسّلام والطّمأنينة حتّى كان منتصف ليلة الاثنين الخامس من شهر حزيران عندما توجّهت دوريّات الاحتلال إلى بيت والدها ظنّا منها أنّ سوزان تقطن هناك، فاقتحم الصّهاينة منزل والدها وأثاروا الذّعر والخوف في قلوب الأطفال وسألوا عن سوزان، فعلموا من إخوانها أنّها انتقلت إلى منزل جديد، فطلبوا من أحدهم مرافقتهم إلى منزلها. وما إن وصلوا إليه حتّى انتشروا في البيت بأعداد كبيرة وأخذوا يتفحّصون الهواتف والأجهزة وطلبوا هاتفها وحاسوبها أيضا. ويصف زوجها ساعة الاعتقال بالقول “طلبوا من سوزان إحضار ملابسها وأخبروها أنّها رهن الاعتقال دون ذكر السّبب، وطلبوا منها أن تودّعنا، كانت صامدة صابرة وقويّة ومعنويّاتها مرتفعة، تخفي دمعات الأمّ الجريحة لخطفها من بين أبنائها وبيتها في منتصف اللّيل..أمّا قتيبة(13)  فكان مصدوما لا يعلم ما يحدث حوله لدرجة أنّه استيقظ بعدما ودّع والدته”.

ويواصل زوجها الوصف بحرقة وحزن فيحدّثنا بأنّ سوزان هي الزّوجة والأمّ والأخت والصّديق ويضاف “سوزان نشيطة جدّا في عملها وفي المجتمع وتحبّ مساعدة النّاس وهي متابعة ونشيطة في مجال الأسرى والأسيرات، وفي مجال الصّحافة أيضا كانت لا تكلّ ولا تملّ، وهي تنتمي للأرض ولخليل الرّحمان بكل امتياز ..”

بدأت رحلة عذاب سوزان منذ السّاعات الأولى فقد أخذوها ولم يعلم الأهل عنها شيئا كما صرّح زوجها .. وتواصل التّعتيم حتّى أخبر محامي نادي الأسير عائلتها بالوعكة الصّحيّة التي أصابتها وما كانت تعانيه من آلام في الكلى. ولقد تعرّضت سوزان إلى تحقيق قاس استمرّ لساعات طويلة في عدّة مراكز بعسقلان بحسب ما ورد عن محاميها وبعد مضيّ ثلاث وعشرين يوما في عسقلان تمّ نقلها إلى سجن هشارون ليومين، وبعد أن تنفّست الصّعداء بلقاء الأسيرات والأخوات وظنّت أنّ كابوس التّحقيق ورحلة العذاب انتهت خيّب الاحتلال أملها، فبعد يومين من السّجن أعادها إلى تحقيق عسقلان مرّة أخرى ليستمرّ مسلسل التّعب والإرهاق والضّغط. وبعد ذلك عُيّنت لها أوّل محكمة، وكانت ممزوجة بالتّرقّب للأهل والتّلهّف والانتظار والشّوق للقائها بعد هذه الفترة من الاعتقال والانقطاع شبه التّامّ عن أخبارها.
يصف أبو حذيفة ما حصل بالمحكمة قائلا: “دخلت سوزان المحكمة و لكنّي بقيت أنتظر دخولها لأنّي لم أتعرّف عليها، فلم يكن لها ملامح ولا شكل وكانت متعبة ومرهقة وقد هزلت جدّا”

ولقد أخبرنا أبو حذيفة أنّ زوجته سوزان تتعرّض منذ فترة ه منذ فترة إلى ضغوط في عملها وبالأخصّ في فترة انتخابات البلديّة، فقد تعرّضت للضّغط والاستدعاء من قبل الاحتلال تارة والسّلطة الوطنيّة تارة أخرى، ومرارا وتكرارا كان الضغط لعدم خوضها الانتخابات.
وفي حديث مع زميلها عبد المعطي أبوسنينة قال إنّ سوزان من أكثر العاملات في البلديّة نشاطا وهي تحترم المكان الذي تعمل فيه وأيضا الزّملاء والزّميلات، وهي مثال يحتذى به في التّعامل والأخلاق والاستمرار بالعمل بجدّ وجهد. وأضاف أنّ كلّ فرد فلسطينيّ معرّض للاعتداء والاعتقال والضّغط من قبل الاحتلال بلا سبب يذكر، فالاحتلال لا يحتاج مبرّرا للاعتداء أو الاعتقال لأيّ كان في وطننا. وحول  موقف المجلس البلديّ وأعضائه قال أبوسنينة إنّه لم تكن هناك في بداية الأمر مواقف أكثر من الشّجب والاستنكار، ولكنّ التّفاعل تطوّر بشكل كبير فاشتدّ التّعاطف والمساندة فانتظمت وقفة مساندة للأسيرة سوزان أمام مبنى البلديّة في مدينة الخليل شارك فيها الأعضاء والمجلس البلدي.
وفي ختام لقائنا بزوج الأسيرة سوزان عويوي توجّه أبو حذيفة بطلب الدّعم والمناصرة لزوجته ولجميع الأسيرات والأسرى مشيدا بدورها في خدمة المجتمع المحلّي ومتابعتها لقضايا الأسرى، وتمنّى أن يكون الدّعم والإسناد لها ولأخواتها بحجم الحدث وهوله، فهو ليس أمرا عاديّا يعتاده المجتمع وكأنّ شيئا لم يحدث، وطلب من كلّ الفلسطينيّين الدّعاء للجميع بالفرج فهو أضعف الإيمان وتمنّى من الله أن يجمعه مع زوجته قريبا باذنه تعالى.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى