
يمثّل العزل أحد أقسى أنواع العقاب الذي تمارسه إدارة السّجون الصّهيونيّة بحقّ المعتقلين الفلسطينيّين؛ حيث يتمّ احتجاز المعتقل لفترات طويلة، بشكل منفرد، في زنزانة معتمة ضيّقة قذرة ومتّسخة، تنبعث من جدرانها الرّطوبة والعفونة على الدّوام؛ وفيها حمّام أرضي قديم، تخرج من فتحته الجرذان والقوارض؛ ما يسبّب مضاعفات صحّية ونفسيّة خطيرة على المعتقل.
فالعزل الانفرادي هو سياسة صهيونيّة تستخدمها إدارة سجون الاحتلال للتّأثير على معنويّات الأسير الفلسطيني وتهدف الى عزله عن العالم الخارجي؛ لتحطيم معنويّاته والتّأثير على حالته النّفسيّة كما أنّها تقتل الإبداع لدى الأسير.
وتُستخد هذه السّياسة عادة ضدّ القادة الفلسطنيّين الذين قادوا الانتفاضات المتتالية خاصّة العسكريّين منهم.
الأثر النفسي للعزل الانفرادي
يُعتبر الضّرر النّفسي الذي يتسبّب به العزل خطيرا جدّا وغير قابل للشّفاء في أحيان كثيرة؛ إذ تبدأ اضطرابات النّوم في الأيّام الأولى، ويرافقها فيما بعد أعراض متلازمات اكتئابيّة تتحوّل إلى اكتئاب مزمن، وفقدان الرّغبة والإحساس بالأشياء.
الأمراض التي يُسبّبها العزل
يصاب الأسير بأمراض في الجهاز الهضمي والأوعية الدّمويّة والقلب وفي الجهاز التّناسلي وجهاز البول، كما يعاني الأسرى المعزولون من الرّجفة والصّداع النّصفي والإرهاق المزمن، ويعانون من اضطرابات دقّات القلب وضيق التّنفّس والتّعرّق الشّديد.
أقسام العزل داخل السّجن
قسم العزل عبارة عن مبنى مستقلّ بذاته عن كتلة مباني السّجن وأقسامه الأساسيّة، فيكون معزولاً بالكامل عن فناء السّجن وعن مجتمع الأسرى”كعزل سجن أيلون-الرّملة”، وهناك نوع آخر من الأقسام ذو طبيعة شبه مستقلّة عن فناء السّجن ومجتمعه وذو طبيعة بناء أفقي، يكون طرفه ملاصقا لطرف قسم آخر من أقسام السّجن “كعزل سجن الشّارون”، وهناك النّوع الثّالث الذي يعتبر جزءا من فناء السّجن وكتلته الرّئيسيّة “كعزل سجن عسقلان”.
ويتكوّن كلّ قسم من أقسام العزل من مجموعة من الحجرات يتراوح عددها ما بين (10-20) حجرة حسب هذا السّجن أو ذاك، وتختلف هذه الحجرات من سجن لآخر من حيث المساحة، التّهوئة، شبكة الصّرف الصّحي، وذلك تبعا لأمرين :
1- حداثة أو قدم المبنى العامّ للسّجن، فالسّجون الأكثر حداثة والتي بنيت في العقدين الماضيين تتمتّع بدرجة أفضل من حيث المساحة والتّهوئة أو التّوزيع الدّاخلي للحجرة “جلبوع، ريمونيم، ريمون، نفحة” بينما السّجون القديمة التي يعود بعضها إلى زمن الانتداب البريطاني أو للسّنوات الأولى من النّكبة فهي الأسوأ في هذا الجانب مثل “عسقلان، الشّارون، الرّملة القديم”.
2- هناك أقسام عزل بنيت وصمّمت خصّيصا بهدف أن تكون مكانا لتنفيذ عقوبة العزل وهي أشبه ما تكون بمختبر يشرف عليه متخصّصون وخبراء في علم النّفس وعلم الإجرام فضلا عن خبراء في الأمن والشّرطة، ولعل أحدث نموذج لذلك هو قسم عزل أيلون الرّملة الجديد الذي افتتح في العام 2007 وكان يتمّ تصميم بعض حجرات أقسام العزل في سنين سابقة لأغراض الرّقابة والفحص المخبري مثل الحجرة الشّهيرة في عزل بئر السّبع.
غرف العزل:
غرف العزل صغيرة الحجم، بطول 1.8 من المتر، وعرض 2.7 من المتر، وتشمل الحمّام ودورة المياه، وليس فيها متّسع للمشي، ولا لأغراض الأسير وحاجياته، وقد تتضاعف المأساة إذا كان هناك أسيران في الزّنزانة.
وتتّصف غرف العزل بقلّة التّهوئة والرّطوبة العالية؛ حيث يوجد في زنزانة العزل شبّاك واحد صغير ومرتفع، قريب من السّقف، أمّا باب الزّنزانة، فلا يوجد فيه سوى شبّاك صغير، طوله ثمانية سنتمترات وعرضه كذلك، ما يتسبّب في انتشار الأمراض، وخاصّة أمراض الجهاز التّنفّسي.
أهم الأسرى الذين تعرضوا للعزل
كما أسلفنا سابقا، فإنّ أكثر الأسرى الذين تعرّضوا إلى العزل هم العسكريّون الذين تتّهمهم قوّات الأحتلال بالتّخطيط لعمليّات هزّت الكيان خلال الانتفاضات المتعاقبةومن أبرز الأسرى المعزولين الذين أمضوا سنوات عديدة تعدّت الثّماني سنوات والذين خرجوا بعد إضراب الكرامة عام 2012 وهم على التّوالي حسب أقدميّة العزل: الأسير المقدسيّ محمود عيسى عميد المعزولين، حسن سلامة، عبد الله البرغوثي، أحمد المغربي، جمال أبو الهيجا.
مخالفة العزل الانفرادي للقانون الدّولي
تُعتبر سياسة العزل مخالفة لاتّفاقيات جنيف والقانون الدّولي والإنساني وأحكامه ونصوصه وكذلك مخالفة لقرارات الأمم المتّحدة، وللعهد الدّولي الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ والتي نصّت جميعها على معاملة الأسرى معاملة إنسانيّة، واحترام كرامتهم، وعدم جواز حرمان الأسير المحتجز من الاتّصال بالعالم الخارجي خاصّة أسرته أو محاميه لفترة تزيد عن أيّام.
ويُذكر أنّه يقبع في عزل الاحتلال الآن خمسة أسرى فلسطنينيّين بينهم أسير بلجيكي وهم على التّوالي حسب أقدميّة العزل: أحمد المغربى، إسماعيل العروج، إبراهيم العروج وهم من بيت لحم والأسير الدّكتور رمزي عابد من غزّة بالإضافة إلى الأسير البلجيكى ألكس مانس المعزول منذ لحظة اعتقاله منذ أكثر من 7 سنوات.