الأسرى بعيون القانون

الصّليب الأحمر بين الصّمود ومجابهة المحتلّ

كتبت : حلا خليل

 


يتعهّد موظّفو الصّليب الأحمر بالسّهر على راحة المرضى ومحاولة إنقاذ حياتهم ما أمكن،

فمنذ تأسيس تلك المنظّمة عام 1863 في سويسرا وحتّى اليوم وهم يستيقظون في الصّباح الباكر محمّلين بالأمل والهمّة والنّشاط والإقبال على العمل في مختلف دول هذا العالم. غالبيّة الأيّام تكون رتيبة واعتياديّة وخيارات الإنقاذ واضحة وطبيعيّة، إلاّ أنّ هذا ليس حال أفراد طاقم المنظّمة التي تعمل في فلسطين.
فالصّعوبات والمعوقات التي تواجهها المنظّمة كبيرة وجمّة وعلى رأسها إعاقة العمل؛ فعلى الرّغم من أنّ القانون الدّولي ينصّ على التّعامل مع منظّمة الصّليب الأحمر كجهة حياديّة يجب السّماح بمرورها وتسهيل سبل عملها وتنقّلها في أيّ موقع كان ومن قِبل جميع الأطراف، فإنّ الوصول إلى الجرحى الفلسطينيّين وانتشالهم من مواقع الاشتباك والاحتكاك مع الجنود الصّهاينة غاية في الصّعوبة. بل إنّ العديد من أفراد الطاقم يُمسون هم أنفسهم الجرحى والمصابين حين تستقرّ رصاصات الغدر في أجسادهم، ولعلّ هذا أمر لا يوجب الاستغراب من كيان محتلّ متغطرس ودخيل كـ(إسرائيل) لا يحترم قانونا ولا إنسانا.
تعدّ حالات الإضراب عن الطّعام التي يدخلها الأسرى حالة نزاع وشدّ وجذب بين الصّليب الأحمر وإدارة السّجون والسّبب في ذلك يعود إلى رفض الأخيرة تدخّل طاقم المنظّمة أو السّماح له بالقيام بعمله. فالقانون الدّولي ينصّ على وجوب السّماح لمندوب من الصّليب الأحمر بحرّيّة التّحرك من السّجن إلى الخارج والتّحدث مع الأسير المضرب بحرّيّة، والاستماع إلى مطالبه ونقل رسائله الشّفاهيّة إلى ذويه في الخارج وتقييم حالته الصّحّية وإحالتها إلى المستشفى في حال استوجب الأمر ذلك، بل إنّ من أهم وأبرز وظائف الصّليب الأحمر هي زيارة الأسير لحظة أسره، خاصّة في المناطق المتنازع عليها والتي تخضع لقوانين الحرب، والتّأكّد من كونه يتلقّى العناية اللاّزمة والحقوق المشروعة له بموجب الاتّفاقيّة الدّوليّة، وهذا كلّه مالا يحدث في الضّفّة الغربية.


بدأت منظّمة الصّليب الأحمر بالعمل على تنظيم زيارات عائليّة لذوي الأسرى إلى أبنائهم وبناتهم بعد جهد كبير ورفض من قبل الاحتلال الصهيوني، إلاّ أن رفع القضيّة إلى مستوى أعلى عالمي ساهم في لفت أنظار العالم إلى الأسرى الفلسطينيّين الذين لا يستطيعون نيل الحدّ الأدنى من حقوقهم المشروعة ولقد اضطرّت (اسرائيل) صاغرة إلى الخضوع إلى القرار الدّولي بعد الضّغوطات والاحتجاجات.
تعلم المنظّمة تمام المعرفة والعلم أنّ العدو لا يتعامل معها كجانب محايد وإنّما كطرف مناصر للقضيّة الفلسطينيّة لمجرد قيامها بواجباتها وعملها الاعتيادي، ولكم هو محزن أن تصبح منظّمة الصّليب الأحمر طرفًا آخر تعاديه (اسرائيل)، فكثيرًا ما فوجئ أفراد الطّاقم باقتحام الجنود لمقرّهم وتخريب محتويات المركز وأدواته بل وإطلاق النّار على حافلاتهم وسيّاراتهم واعتقال بعض الأفراد لينتقلوا من كونهم مسعفين إلى أسرى جدد يحتاجون لمن يسعفهم ويعالجهم.
تحمل منظّمة الصّليب الأحمر على عاتقها الدّفاع عن الإنسانيّة وحمايتها وشعارها في سبيل ذلك هو؛ الاستقلاليّة والخدمة الوطنيّة والحياد وعدم التّحيّز وهي بذلك تحاول حماية كرامة الإنسان ومنحه أبسط حقوقه ألا وهو الحقّ في الحياة إلا أنّها تحتاج إلى من يدافع عنها ويكشف جرائم المحتلّ بحقّها شأنها في ذلك شأن كلّ جهة أو منظمة تحاول مدّ يد العون للفلسطينيّين ومساعدتهم على الثّبات والصّمود.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى