الضفة الغربية

الأسير خليل براقعة

 

يعاني أصحاب المؤبّدات مثل بقيّة الأسرى أو أكثر منهم باعتبار أنّ شمس الحرّيّة عندهم لن تشرق إلاّ في صفقة تبادل، فهم لا ينتظرون موعدا معيّنا لنهاية الحكم ولو كان بعد السّنوات الطّوال. ومن بين أصحاب المؤبّدات نجد الأسير صاحب الوجه البشوش، والقلب الطّيّب، الأسير خليل مسلم محمد براقعة الذي ولد في عاصمتنا القدس عام 1977، خليل المجاهد والمحكوم عليه بالسّجن عشرين مؤبّدا شقّ طريقه من مدرسة وكالة الغوث في بيت جالا قرب مخيّم عايدة الذي يسكن فيه بعد أن هجّر الاحتلال عائلته من بلدته الأصليّة في فلسطين عام 1948.
وبعد أن أنهى الثّانويّة العامّة انتقل للدّراسة في معهد قلنديا بمدينة رام الله مختصّا بصيانة الأجهزة المكتبيّة وهناك بدأ مسيرته الجهاديّة وتشكّلت شخصيّته القياديّة التي كان يفرضها على الآخرين بالاحترام والحبّ والثّقة، فقد نال احترام جميع الطّلاّب على اختلاف توجّهاتهم، كما شارك بقوّة في فعاليات الانتفاضة، فانتخبه الطّلاّب ليكون رئيسا لمجلس اتّحاد الطّلبة في المعهد.

أنهى خليل دراسته بالمعهد قبل أن تعتقله سلطات الاحتلال للمرّة الأولى أثناء عودته من زيارة للأردن ونُقل فورا إلى معتقل المسكوبيّة (المسلخ)، وهناك دارت معركة قويّة تسلّح فيها رجال المخابرات بكلّ ما أوتوا من وسائل تعذيب نفسي وجسديّ فيما تسلّح مجاهدنا بالإيمان والإرادة، فتعرّض إلى شبح متواصل ومنع من النّوم وحبس انفرادي دام أكثر من سبعين يوما ولكنّه ظلّ صامدا ليثبت.
ولقد نُقل بعد يأس المحقّقين من أن ينالوا منه شيئا إلى سجن مجدو يحمل معه أمراضا لم يكن يتوقّع أبدا أن تصيبه لولا لؤم مخابرات الاحتلال وحرصها على الانتقام الشّخصي، فقد حمل معه آلاما في الظهر وفي المفاصل والقدمين ونتيجة الإهمال الطّبي من قبل إدارة السّجون تضاعفت أمراضه ليصاب بمرض الدّيسك.
خرج خليل من سجنه ليعمل على خدمة إخوانه الأسرى الذين طالما خدموه، فالتحق بالعمل في نادي الأسير الفلسطيني، ولكنه أيضا لم ينس واجبه الأكبر نحو دينه ووطنه ومع اشتعال جذوة انتفاضة الأقصى جاء موعده ليثأر من آسريه، و بتاريخ 2002/6/26 أعيد اعتقاله، وحوكم براقعة كأحد المسؤولين المباشرين عن عمليّة جيلو العسكريّة، واعتبره الاحتلال أحد أخطر المطلوبين، وتفاجأ الجميع ظانّين أنّه سيخرج كما وعدهم ليساعدهم ويهتمّ بقضاياهم ولكن كان الحكم ليس ككلّ مرّة، حكم القاضي على خليل بالمؤبّد عشرين مرّة، وتقبّل خليل الحكم صامدا محتسبا ثابتا ومكبّرا وطالب أهله أن يوزّعوا الحلوى في المسجد بعد أن صدر الحكم.
ورغم مضيّ كلّ هذه السّنوات لا يزال خليل يرفع من معنويات الأسرى ويبشّرهم بالأمل وهو على يقين بالله أنّه سيخرج إلى النّور يوما ما.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى