الأسرى المحررينكي لا ننسى

وفاء الأحرار.. حقيقة الثّمن وتبنّي الأمل

بقلم : محمّد القيق

ما أجمل أكتوبر الذي انطلقت فيه أفواج الحرّيّة مجتاحة منازل المرتقبين لتلك الفرحة، وفاء الأحرار تلك الحقيقة التي سعت الأيادي الخبيثة لطمسها وإبقاء الأمل شعارا يستخدمه العاجزون لتزيين الخطاب تارة أو الضّغط على الشّعب بحرّيّتهم مقابل ثمن سياسي تارة أخرى.

ملفّ ضخم بحجم التّضحية التي بناها فيه أبطال فلسطين فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا، إنّه الملفّ الذي يعجز أمامه الحالمون والمتسلّقون بل ويقف أمام هيبة الثّمن من أجله أولئك الذين اعتادوا تسوّل الكرامة واستئجارها لحين على اسم شهيد أو أسير أو مرحلة غضب ليعاد لها التّمكين من جديد.

في الثّمن ندخل في التّفاصيل بين خلايا أسر الجنود وإمكانات التّخطيط وجهد الميدان واتّخاذ القرار السّياسي السّليم، فسجّلت المقاومة فارقة مهمّة في التّاريخ أنّها حينما حكمت أدركت أنّها لا يمكن أن تكون شعارا أو أملا دون تحقيق، فواصلت وذهبت وأسرت وحوصرت وتمّ التآمر عليها من القريب والبعيد وقُتل قادتها وأفرادها وقصفت مقدّراتها وجاع شعبها؛ إلاّ أنّها مضت في مبدأ الثّمن وحقيقة المشهد واستمرّ العمل الدّولي من كلّ أجهزة أمن العالم الظّالم بحثا عن كنز الإحباط للشّعب والأسرى ففشلوا وأجبر الاحتلال على دفع الثّمن وتبدّد وهم انتظاره وتقنياته وأذنابه فجاء الانتصار بحقيقتين؛ أوّلهما أنّ النّصر من عند الله وأنّ وعده تحقّق وأبصر الحرّيّة مئات ممّن قرّر الاحتلال حجب الشّمس عنهم فقرّر الله أن يذهبوا هم للفضاء والشّمس والحرّيّة.

أمّا ثانيهما فصفعة كبيرة مُني بها الاحتلال وأذنابه على الصّعيد السّياسي والمعنوي، فالمقاومة تكسر كلّ القواعد ووهم أنّ كلّ شيء بيد الاحتلال قد تبدّد؛ فلا أقماره الصّناعيّة ولا جواسيسه داخل وخارج الفصائل ولا أذنابه في كلّ المنطقة استطاعوا أن يحقّقوا له أملا؛ بل إنّ حقيقة الحرّيّة انتصرت والثّمن كبير ولا يستطيع أن يخوضه صاحب شعارات رنّانة ومضمون فارغ.

وبعد سنوات جديدة تكرّر مشهد الحقيقة والثّمن وسارع من يتبنّى الأمل والتّسويف إلى محاربة الحقيقة تارة في الميدان وأخرى في الإعلام وثالثة في السّياسة ورابعة في المجتمع، ولكنّها كلّها تبدّدت وبقي الصّندوق الأسود ذلك الرّمز الذي أربك الأمل لديهم في قهر المقاومة بل وتقهقر على سطحه جيش الظّالمين لتتشكّل لدينا حقيقة جديدة بثمن جديد ولكنّه هذه المرّة سيحمل العديد من الانتصارات بفضل الله؛ لعلّ أبرزها تكرار مشهد الحرّيّة لأولئك السّاجدين في الزّنازين وأهاليهم المكلومين وتزيين منازل الأحرار بالفجر الجديد.

ومن تلك الانتصارات تعزيز الإرادة تزامنا مع تسلّح الشّعب بخيار الثّبات واندفاعه نحو الحرّيّة ولفظه أولئك العابثين الذين أشبعوا الدّنيا تمكينا في الهواء بينما الذّلّ سيطر على الميادين، ومن الانتصارات أنّ صفعة جديدة تطال الاحتلال ومن معه في الإقليم أنّ جوع عقد من الزمن وحصار المقهورين لن يكون ثمنه تمكينا للمهرولين ولا بيعا لزاد الثّائرين بل هو انتصار تتكحّل فيه عيون أمّهات الشّهداء والأسرى.

بين حقيقة الثّمن الكبير الذي تعجز عنه دول وفصائل وتأتي راكعة للمتغوّلين يثبت الشّعب ومقاومته وغزّته أنّنا لا نركع إلاّ لله وأنّ النّصر لا يكون إلاّ للثّابتين؛ وأمّا تبنّي الأمل والتّسويف وبيع الشّعارات وتزيين الذّلّ فهو أسهل طريق ولا يسلكه إلاّ المثبّطون المرجفون.

18 أكتوبر صناعة مجد تنتظر تاريخا آخر لتنطلق الكرامة في جسر الحقيقة تعلو على تبنّي وهم الأمل والتّمكين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى