
بقلم: عمّار عبد السّلام
في مثل هذا اليوم 18/10/2011 ضربت المقاومة الفلسطينيّة الباسلة موعدا مع التّاريخ إذ نجحت في تحرير أكثر من 1000 أسير فلسطيني مقابل جنديّ صهيونيّ وحيد هو جلعاد شاليط، وقد أُطلق على الصّفقة حينها صفقة وفاء الأحرار التي تعتبر خير تأكيد على أنّ المقاومة المسلّحة وحدها القادرة على تحرير الإنسان والأرض وانتزاع الحقوق المسلوبة من الاحتلال.
واليوم وبعد مرور سبع سنوات ها نحن نعود لا لنسلّط الضّوء على صفقة وفاء الأحرار بل لنتأمّل معا وضع الأسرى المحرّرين في تلك الصّفقة وانتظارات بقيّة الأسرى الذين يتشوّقون إلى صفقة وفاء الأحرار المقبلة في ظلّ أسر المقاومة الفلسطينيّة عددا من الجنود الصّهاينة منذ أربع سنوات تقريبا.
لقد نصّت صفقة وفاء الأحرار على إبعاد عدد من الأسرى المحرّرين إلى دول عربيّة وغربيّة مختلفة بالإضافة طبعا إلى من أُبعدوا إلى قطاع غزّة، ورغم أنّ الحرّيّة التي نالوها بعد صبر عشرات السّنين كانت منقوصة سواء بسبب ظروف التّحرير وقيوده اللاّحقة أو بسبب ترك الآلاف من الأسرى خلفهم ينتظرون تحريرهم فإنّ الأسوأ قد حدث لاحقا عندما نقض الاحتلال الصّهيوني بنود الاتّفاق ولم يلعب الضّامن المصري الدّور الموكول إليه بحماية ما تمّ الاتّفاق عليه وضمان الالتزام به من طرف الصّهاينة على وجه الخصوص.
فالأسرى المحرّرون ملاحقون من قبل سلطات الاحتلال الصّهيوني وهم عرضة للاعتقال والتّحقيق والأسر مجدّدا سواء بأحكام جديدة باطلة أو بإعادة الأحكام السّابقة، وقد شهدت المعتقلات والسّجون الصّهيونيّة عودة العشرات من محرّري صفقة وفاء الأحرار وعلى رأسهم نائل البرغوثي الذي قضى أكثر من ثلثي عمره أسيرا. وبالإضافة إلى ذلك فقد تعرّض بعضهم إلى الاغتيال مثل الشّهيد مازن فقهاء الذي تمّ اغتياله في غزّة قبل سنة ونصف تقريبا، ولا تختلف معاناة المحرّرين داخل فلسطين عن معاناة رفاقهم خارجها فالملاحقة القانونيّة طالت المحرّرة أحلام التميمي من قبل السّلطات الأمريكيّة بدعوى مشاركتها في عمليّات أدّت إلى مقتل أمريكيّين داخل فلسطين، كما تعرّض بعض الأسرى المحرّرين الآخرين إلى ضغوطات كبيرة لتغيير مقرّات إقامتهم من دولة إلى أخرى بسبب الضّغوط الصّهيونيّة والأمريكيّة على الدّول التي أُبعدوا إليها في 2011.
إنّ الاحتلال الصّهيوني يعمل وفقا لسياسته “أطلق سراحه اليوم…فسنعتقله غدا أو نغتاله بعد غد”، ولكنّ المقاومة وضعت شرط إطلاق سراح كلّ الأسرى المحرّرين المعاد اعتقالهم شرطا أساسيّا قبل الكشف عن أيّ معلومة حول الأسرى الصّهاينة لديها. وعاجلا أم آجلا سيخضع الاحتلال للمقاومة وسيُطلق سراح المعاد اعتقالهم إن شاء الله.
وإنّ الحديث عن شروط المقاومة ليأخذنا لملامسة أشواق الآلاف من الأسرى الذين ينتظرون فجر الحرّيّة الذي سيطلع بعد طول انتظار لينقذهم من براثن الموت البطيء المفروض عليهم في سجون الاحتلال، فالكلّ ينتظر من المقاومة استخلاص الدّروس والعبر من صفقة وفاء الأحرار المبرمة قبل سبع سنوات حتّى تكون الصّفقة الجديدة مبيّضة للسّجون من كلّ الأسيرات والأسرى الأطفال بالإضافة طبعا إلى عمداء الأسرى وأصحاب المحكوميّات العالية الذين تمّ استثناؤهم من معانقة الحرّيّة قبل سنوات، الكلّ ينتظر صفقة مشرّفة تعيد البسمة للأمّهات اللاّتي أنهكهنّ انتظار الفرج وللعائلات التي مزقّها غياب أحد أفرادها سنوات وسنوات، والمقاومة ستكون حتما في مستوى الحدث الذي طال انتظاره.