القدس المحتلةشؤوون الأسرى

في الذّكرى الثّالثة لانتفاضة القدس: اعتقالات بالجملة طالت كافّة شرائح المجتمع الفلسطيني

بقلم: رياض الأشقر

يعتبر الاحتلال بلا شكّ سياسة الاعتقالات أداة من أدوات القمع اليوميّة التي يلجأ إليها لمحاربة الشّعب الفلسطيني والتّأثير على مقاومته، لذلك يشترك بها كلّ أركان كيان الاحتلال بمؤسّساته الأمنيّة والعسكريّة والسّياسيّة والإعلاميّة، ومع اندلاع انتفاضة القدس في الأوّل من اكتوبر للعام 2015، شهدت الأراضي الفلسطينيّة حملات اعتقال مسعورة وعشوائيّة تهدف إلى إخماد الانتفاضة ومنع تصاعدها.
وفى ذكرى انتفاضة القدس الثّالثة نسلّط الضّوء على الاعتقالات التي جرت خلال السّنوات الثّلاث الأخيرة، حيث طالت الاعتقالات كافّة شرائح المجتمع الفلسطيني بما فيها الأطفال والنّساء والمحرّرين، والتّجّار، وكبار السّنّ، والنّاشطين الحقوقيّين، والإعلاميّين، والصّيّادين، ونوّاب المجلس التّشريعي وقادة الفصائل، والمرضى والمعاقين، وباختصار كلّ ما هو فلسطيني كان هدفا للاعتقالات.
ولقد رصد مركز أسرى فلسطين للدّراسات في تقرير له ما يزيد عن (20 ألف) حالة اعتقال خلال انتفاضة القدس، وهو رقم كبير جدّا في وقت قصير، أي بمعدّل (20) حالة اعتقال يوميّا، وهو ما يعتبر استنزافا بشريّا واضحا ومحاولة لتعطيل سير الحياة الطّبيعي في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة.
وبدا واضحا تصاعد استهداف الأطفال القاصرين، حيث بلغت حالات الاعتقال ما يزيد عن (4200) حالة اعتقال، بينهم أطفال لا تزيد أعمارهم عن 12 عاما، وبالغ الاحتلال في إصدار أحكام ردعيّة وقاسية بحقّهم وصلت إلى السّجن المؤبّد وعشرات السّنين، بينما بلغت بين النّساء والفتيات (615) حالة اعتقال بعضهنّ جريحات وقاصرات، وتعمّد الاحتلال إصدار أحكام انتقاميّة بحقّ الأسيرات وصلت إلى 16 عاما لبعضهنّ.
وإمعانا في المبالغة في الاعتقالات خلال انتفاضة القدس اختلقت سلطات الاحتلال ذرائع جديدة لتبرّر اعتقال الفلسطينيّين، من بينها الكتابة على مواقع التّواصل الاجتماعي وتحديدا “الفيسبوك” معتبرا إيّاها تحريضا على الاحتلال حيث وصلت حالات الاعتقال على هذه الخلفيّة أكثر من (500) حالة اعتقال، إذ استغلّ الاحتلال ما ينشره الشّبّان الفلسطينيّون على مواقع التّواصل الاجتماعي كذريعة لاعتقالهم وتوجيه تهم التّحريض لهم وإصدار بحقّ العديد منهم أحكاما بالسّجن الفعلي وآخرين بالسّجن الإداري، وبينهم عدد من الصحفيّين والاطفال والنّساء.
ولقد تعرّض جميع المعتقلين لشكل أو أكثر من أشكال التّعذيب الجسدي أو النّفسيّ، أو الإيذاء المعنوي والإهانة الحاطّة بالكرامة أمام المواطنين، أو أفراد الأسرة وخاصّة الأطفال، الأمر الذي يشكّل انتهاكا جسيما لقواعد القانون الدّولي الإنساني والقانون الدّولي لحقوق الإنسان، وبعضهم تعرّض لإطلاق نار بشكل متعمّد ومن مسافات قريبة قبل الاعتقال دون أن يشكّل خطرا على الاحتلال.
كذلك صعّد الاحتلال بشكل واضح خلال انتفاضة القدس من إصدار القرارات الإداريّة بحقّ الأسرى الفلسطينيّين، حيث أصدر ما يقارب من (4 آلاف) قرارا إداريّا من محاكمه الصّوريّة، ما بين قرار جديد وتجديد اعتقال لمرّات جديدة، من بينهم (25) قرارا إداريّا استهدفت النّساء، لا تزال منهنّ أسيرتان خلف القضبان، إحداهما النّائبة “خالده جرار” و

التي جتمّ التّجديد لها 3 مرّات متتالية، و(54) قرارا إداريّا استهدفت أطفالا قاصرين، لا يزال اثنان منهم رهن الاعتقال الإداري.
كما واصل الاحتلال استهداف نوّاب المجلس التّشريعي الفلسطيني بالاعتقال والاستدعاء، فقد شهدت انتفاضة القدس اعتقال (21) نائبا في المجلس التّشريعي، أطلق سراح  معظمهم، بينما لا يزال ثلاثة نوّاب منهم خلف القضبان، إضافة إلى نائبين مختطفين قبل انتفاضة القدس، ويخضع النّوّاب الثّلاثة للاعتقال الإداري المتجدّد، ولقد اعتقل الاحتلال أيضا اثنين من الوزراء السّابقين وأطلق سراحهما بعد قضاء فترة محكوميّاتهما في السّجون.
وخلال انتفاضة القدس نفّذ الاحتلال (170) حالة اعتقال لكبار في السّن، وتمّ اعتقال معظمهم بتهمة الرّباط دفاعا عن المسجد الأقصى، كذلك تمّ تسجيل (47) حالة اعتقال لأكاديميّين ومحاضرين في الجامعات، و(280) حالة اعتقال لمرضى ومعاقين، وبعضهم اعتُقل على كرسيّه المتحرّك، و(165) حالة اعتقال واحتجاز لصحفيّين وإعلاميّين تمّ تحويل بعضهم إلى الاعتقال الإداري، وآخرين تمّ إطلاق سراحهم، والبعض لا يزال رهن الإيقاف.

ولقد ارتفع خلال انتفاضة القدس عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى (217) شهيدا بارتقاء (11) شهيدا جديدا من الأسرى ارتقى  4 منهم نتيجة الإهمال الطّبّي المتعمّد، وارتقى 4 آخرون بعد اعتقالهم مصابين ونقلهم إلى المستشفيات وعدم تقديم رعاية مناسبة لهم، بينما ارتقى شهيدان نتيجة الاعتداء عليهما بالضّرب المبرح بعد الاعتقال، كان آخرهما الشّهيد “محمّد زغلول الخطيب” (الرّيماوى) 24 عاما من رام الله  نتيجة الاعتداء الهمجي الذي تعرّض له بعد اعتقاله مباشرة من قبل الوحدات الخاصّة، الأمر الذي أدّى إلى استشهاده على الفور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى