حلقة وصلكي لا ننسى

فلننصرهم

بقلم : محمود العايد


تحدّثنا وكتبنا كثيرا عن الأسرى الفلسطينيّين وما يعانونه من ويلات بسبب سوء المعاملة وتعذيبهم بأبشع الطّرق وأقساها حتّى يركعوا لهذا المحتلّ الغاصب، لكنّهم ثابتون ثبات الجبال الرّاسيات. ورغم ذلك تظلّ الكتابة عن الأسرى صعبة للغاية، فالتّطرّق لهم يجعلنا نرى أنفسنا أقزامًا أمام تضحياتهم وبطولاتهم. لكن هذه المرّة قرّرتُ أن أُسلّط الضّوء على أبناء الأسرى.

فإذا كان الأسير يعاني بسبب الأسر فإنّه أيضًا يعاني بصمتٍ ويتألّم بحرقةٍ على أبنائه. فالأسير في النّهاية يبقى بشرًا ويحمل مشاعر جيّاشة داخله وتسكنه عواطف كبيرة. وقد تضعف نفسه عندما يتذكّر أبناءه ويفكّر بأحوالهم وكيف يقضون يومهم. ويبقى السّؤال هل خطر ببالك يومًا كيف يعيش أبناء الأسرى وكيف يقضون أيّامهم؟ هل هممت بمساعدة عائلاتهم؟ هل شاركتهم همومهم وتضامنت معهم؟ هل ذهبت لزيارتهم ورفعت من معنويّاتهم وشددت من أزرهم؟ هل بادرت بتفقّد أحوالهم فقدّمت لهم ممّا أعطاك الله شيئًا؟ هل فكّرت بالسّؤال عنهم؟ هل وهل وهل؟ هناك أسيرات يقبعن في سجون الاحتلال تركن خلفهنّ أبناءهنّ، ولا يعلمن شيئًا عنهم، وربّما يمنع المحتلّ الزّيارة. فالأمّ هي عماد الحياة وعصبها والحياة هي الأمّ، ولا قيمة للحياة بلا أُمٍّ. فبأيّ ذنبٍ يُحرم هؤلاء الأطفال من رؤية أمّهاتهم والعيش في أحضانهنّ؟ هل يعقل أن يُحرم الطّفل من أمّه بسبب أنّها ترفض إملاءات الاحتلال ولا تعترف بوجوده وتدافع عن عرضها ومقدّساتها وأرضها وعقيدتها وترى أنّ القضيّة هي شغلها الشّاغل الذي تفديه بروحها وعيالها ومالها؟ ماذا نحن فاعلون أمام كبرياء تلك النّساء اللّواتي قدّمن كلَّ ما يملكن دفاعًا عن هذه القضيّة وشرف الأمّة؟

وإذا لم يكن بمقدورنا ولا ضمن إمكانيّاتنا تحرير الأسيرات من سجون الاحتلال فإنّه بكل تأكيد بمقدورنا الخروج نصرةً ومؤازرة لهنّ وتفقّد أحوال أبنائهنّ. اعطفوا عليهم وشدّوا من أزرهم وارفعوا من معنويّاتهم، وأخبروهم أنّ أُمّهاتهم وآباءهم قد نالوا شرفًا لا يناله إلاّ المخلصون والصّادقون والعظماء.

هل فكّرنا بهم حقًّا؟ هل شاركناهم همومهم؟ هل ربّتنا على أكتافهم؟ هل كنّا إلى جانبهم خلال فترة أسر آبائهم وأُمّهاتهم؟ هل أشعرناهم بأنّنا قربهم؟ هل سمعنا صراخهم؟ وماذا قدّمنا لهم غير الكلمات الباهتة وتغيير صور البروفايلات؟ إذا كانت حجّتك التي تردّدها دائما وتضحك بها على نفسك بأنّك لا تستطيع أن تخرج الأسرى من أسرهم، فإنّه بإمكانك أن تدعم صمودهم أينما كنت بالمال والدّعاء، كما يمكنك التّواصل مع أبنائهم من خلال إعطائهم ممّا أعطاك الله، وهذا يعتبر جهادًا بالمال فلا تستهن به ولا تتردّد عنه. وإذا كان الأسرى يضحّون بأنفسهم لأجل الأمّة والقضيّة والعقيدة فضحّوا أنتم أيضًا بجزءٍ من أموالكم وأوقاتكم للتّعريف بهم وبمعاناتهم، فالأمر ليس صعبًا لكنّه يحتاج إلى الصّدق والإخلاص.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى