الاعتقال الإداريكي لا ننسى

عميد الأسرى الإداريّين إبراهيم العروج ومسلسل التّجديد المستمرّ

بقلم : رياض الأشقر


الاعتقال الإداري ذلك السّيف الذى يلاحق الفلسطينيّين منذ احتلال أرضهم وسلب مقدّساتهم، والذى طال عشرات الالاف منهم دون تهمة أو محاكم عادلة أو حتّى السّماح للمحامي بالدّفاع عن الأسير وطلب لائحة اتّهام لمعرفة التّهم التي اعتقل من أجلها.
غالبيّة الأسرى الإداريّين هم أسرى محرّرون أعيد اعتقالهم مرّات ومرّات لتبقى حياتهم رهينة لهذا الاعتقال الجائر التّعسفي الذى لا يرحم كبيرا ولا صغيرا، مراة أو رجلا، مواطنا كان أو نائبا في المجلس التّشريعي، ويجدّد لهم لفترات ثانية وثالثة ورابعة ويبقى القرار مفتوحا بيد المخابرات المسؤولة عن هذا الملف، وهي وحدها التي تحدّد مدى خطورة الأسير وكم من التّجديد يحتاج داخل السّجون.
ومن ضحايا هذا الاعتقال التّعسفي الأسير “إبراهيم عبد الله العروج” (35 سنة ) من قرية العروج شرق بيت لحم، وهو يعتبر من أقدم الأسرى الإداريّين وعميدهم، والذى جُدّد له الاعتقال الإداري حتّى الآن 10 مرّات متتالية حيث أمضى 34 شهرا منذ اعتقاله.
اعتُقل معظم أفراد عائلة العروج كما الكثير من العائلات الفلسطينيّة، وفى وقت واحد كان هناك أربعة من أبناء “عبد الله العروج” معتقلين لدى الاحتلال، ولقد تحرّر “محمد” بينما  يقبع أشقّاؤه الثّلاثة في السّجون إلى حدّ كتابة هذه الأسطر، من بيهم “إبراهيم” الذي اعتُقل بتاريخ 25/1/2016، وخضع لتحقيق قاس جدّا بتهمة الانتماء إلى حركة حماس.

ورغم التّعذيب الذي تعرّض إليه في مركز تحقيق عسقلان والمسكوبية والضّغط عليه باعتقال زوجته، فإنّ مخابرات الاحتلال لم تستطع أن تثبت عليه أيّ تهمة، لذلك أوصت بإصدار قرار اعتقال إداري بحقّ تمّ تجديده مرارا  بحجّة أنّ له ملفا سرّيّا وأنّه يشكّل خطر على الاحتلال.
لم يكتف الاحتلال بعشر سنوات قضاها “ابراهيم العروج” من عمره خلف القضبان في اعتقالات سابقة، فأعاد اعتقاله مرّة أخرى، وأصدر بحقّه قرار اعتقال إداري مفتوح، وبعد اعتقاله بعدّة أيّام اعتقل الاحتلال زوجته لحوالي (20) يوما في مركز تحقيق المسكوبية، تعرّضت خلالها للتّحقيق المتواصل من أجل الضّغط عليه لتقديم اعترافات تدينه.
ولقد قامت إدارة السّجون بأوامر من المخابرات في شهر يناير الماضي بنقله إلى العزل الانفرادي بحجّة أنّه يشكّل خطرا على الاحتلال، وهو إلى حدّ الآن ما يزال في زنازين العزل يعاني الأمرّين وسط ظروف قاسية وقد حُرم من زيارة ذويه، ولم يُسمح له بالخروج إلى ساحة الفورة إلاّ مرّة يوميّا لمدّة ساعة مقيّد اليدين والرّجلين، كما تقوم الوحدات الخاصّة القمعيّة بتفتيش زنزانته بشكل يومي وقلبها رأسا على عقب.
وللأسير “إبراهيم” شقيقان أسيران وهما الأسير “إسماعيل” (33 عاما) يقبع في عزل ريمون، منذ بداية العام الجاري، وهو ممنوع من زيارة ذويه، وكان أعيد اعتقاله بتاريخ 3/3/2014 ويقضي حكما بالسّجن لمدّة سبع سنوات ونصف، بعد أن أضيف لحكمه ثلاث سنوات أخرى بحجّة أنّه يقوم بنشاطات داخل السجن.
أمّا شقيقه الآخر الأسير “عيسى” (23 عاما) وهو طالب جامعي، فقد اعتُقل منذ 8/11/2017، بعد اقتحام منزل والده وتفتيشه والعبث بمحتوياته وسرقة ومصادرة ما يقارب سبعة أجهزة جوّال وحاسوب ومجموعة وثائق وأوراق مختلفة، وقد صدر بحقّه حكم بالسّجن لمدّة عام.
أجاز القانون الدولي الإنساني اللّجوء للاعتقال الإداري لأسباب أمنيّة قهريّة وبشكل استثنائي وفردي، محذّرا من استخدامه سلبا وبشكل جماعي لأنّ ذلك ربّما يصل إلى مستوى “العقاب الجماعي”، على أن ينتهي الاعتقال الإداري فور زوال الأسباب. لذلك وضع قيودا صارمة على تنفيذه واستمرار احتجاز المعتقلين، وحدّد إجراءات وضمانات قضائيّة نزيهة في حال اللّجوء إليه أبرزها معرفة المعتقل الإداري لأسباب احتجازه فور اعتقاله، وبشكل تفصيلي وكامل وباللّغة التي يفهمها، وحصوله على آليّة مستقلة ومحايدة للطّعن في شرعيّة الاحتجاز، بالإضافة إلى حصول المعتقل الإداري على المساعدة القانونيّة ومنحه الحقّ في النّظر بشكل دوري في شرعيّة استمرار احتجازه، دون حرمانه من حقّه في الاتّصال بأفراد عائلته عبر المراسلة والاستقبال، أو حقه في الحصول على الرعاية الطّبيّة.
ولقد استغلّ الاحتلال إجازة القانون الدّولي استخدام الاعتقال الإداري، فبدأ بتطبيق هذا القانون دون أن يلتزم بالمبادئ العامّة ولا بالضّمانات القضائيّة والإجراءات النّزيهة المتعلّقة بالاعتقال الإداري وفقا للقوانين الدّوليّة واتّفاقية جنيف، حيث استخدم الاعتقال الإداري كشكل من أشكال العقاب تعتمد على ملف سرّي وهي تمارسه كقاعدة ثابتة ممّا حوّله إلى عقاب جماعي ضدّ الفلسطينيّين ولفترات طويلة تصل إلى سنوات عديدة، ولقد حرم المعتقلين الإداريّين من أبسط حقوقهم بما فيها السّماح لهم ولمحاميهم بالاطّلاع على أسباب اعتقالهم.
ويبقى “إبراهيم” وغيره من مئات الأسرى تحت رحمة مزاج رجال المخابرات الذين يديرون هذا الملفّ الدّامي، ولمجرّد الاعتقاد أو الهوس الأمني يصبح الفلسطيني رهينة الاعتقال أو الخوف من الاعتقال طوال عمره.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى