الأسرى المحررينشؤوون الأسرى

تبادل الوفاء في أكتوبر

بقلم: ناصر ناصر

أتت ذكرى صفقة تبادل الأسرى وفاء الأحرار بين المقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة وبين دولة الاحتلال في أكتوبر 2011 في ظروف صعبة يعيشها الشّعب الفلسطيني المكافح لتذكّر الجميع بمعاني أخلاقيّة عالية تعزّز ثقافة المقاومة وتوجّهها في ظلّ تراجعها في الآونة الأخيرة لمصلحة ثقافة السّلطة و النّفاق وجني الأرباح. و من أهمّ هذه المعاني الوفاء والوحدة الوطنيّة والحرّيّة، وهي معاني الخلاص لأيّ شعب مضطهد يرزح تحت نير الاحتلال الغاشم.
لقد جسّدت صفقة أكتوبر معنى الوفاء بكلّ أبعاده، فلم ينسَ المقاومون إخوانهم وزملاءهم الذين وقعوا في الأسر رغما عنهم، وفي أثناء أداء واجبهم النّضالي و الجهادي ضدّ المحتلّ، وكانوا يسعون حينها لإحدى الحسنيين دون السّجن: إما النّصر أو الشّهادة، و الوفاء نفسه هو ما يسلي و يسري عن مئات الأسرى من أصحاب المؤبّدات والأحكام العالية ممّن تبّقوا في الأسر ولم تنجح الصّفقة الأولى في إطلاق سراحهم بسبب عنجهيّة الاحتلال، فالكلّ يدرك أنّ المقاومة ما زالت تضحّي و تعمل بكلّ وفاء وإخلاص من أجل إطلاق سراحهم.
وفي تبادل أكتوبر برزت معاني الوحدة الوطنية كقيمة أخلاقيّة لا مجرّد مصلحة ضيّقة أو شعارا فارغا من المضمون يستخدم للاستهلاك الإعلامي من أجل تمرير سياسات شاذّة. فلقد عملت المقاومة وأصرّت على تحرير المئات من عناصر وأفراد فصائل الشّعب الفلسطيني حتى ممّن كانوا و لا زالوا يعتبرون أنفسهم خصوما سياسيّين للمقاومة، بل إنّ بعضهم كان أسيرا وتحرّر في الصّفقة ثمّ عاد إلى العمل في الأجهزة الأمنيّة التي تلاحق وتعتقل المقاومين. فضربت المقاومة بموقفها هذا نموذجا أخلاقيّا راقيا لا يتعلّق بسلوك الآخرين.

وفي ذكرى وفاء الأحرار نزداد تشبّثا بالحرّيّة كقيمة وحقّ إنسانيّ لا يجب أن يخضع للاغتصاب أو المساومة والابتزاز، إنّها الحرّيّة التّامّة التي تكون فيها حرّيّة الفرد من حريّة المجموعة وحرّيّة هذه الأخيرة من حرّيّة الوطن بأكمله.
يأمل بل ويتوقّع الشعب الفلسطيني وخصوصا الأسرى وعائلاتهم تكرار التجربة وأن لا تأتي ذكرى الوفاء القادمة إلاّ و كافّة الأسرى ينعمون بالحرّيّة و الكرامة آمنين في بلدهم، فهذا هو وعد المقاومة وعهدها، ووعد الحرّ دين.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى