
تعدّ المؤسّسات الفلسطينيّة الرّسميّة الحاضنة الشّعبيّة للأسرى الفسطينيّين في الدّفاع عن همومهم وتبنّي قضاياهم العادلة في سبيل نيل حرّيتهم، وتحقيق مبتغاهم في إقامة دولتهم الفلسطينيّة المستقلّة وعاصمتها القدس الشّريف. والوقوف بجانب الأسرى الفسلطينيّين واجب إنساني ودولي وأخلاقي يتوجّب على الكلّ الفلسطيني الالتزام به، فالأسير الفلسطيني الذي يقضي جلَ حياته داخل الأسر مدافعا عن قضيّته وعدالته هو الأسير الذي يتوّج بلقب محرّر الإنسانيّة وصانع التّحرّر من نير الاستعمار الصّهيوني.
إنّ الموقف الرّسمي الفلسطيني تجاه الأسرى يتطلّب جرأة وشجاعة، فالأفعال تتحطّم أمام الأقوال، لاسيما وأنّ هناك المئات من الأسرى ممّن يقضون جلّ حياتهم داخل الأسر يعيشون ظروفاَ مأساويّةً صعبةً للغاية في سبيل بناء كرامة لشعبهم ولأمّتهم، ونيل حرّيّتهم. ويجب على التّفاعل الرّسمي الفلسطيني أن يكون فعّالا في كافّة الميادين والمجالات لاسيما على الصّعيدين القضائي والقانوني في ملاحقة آلة الإجرام الصّهيونيّة التي تتعمّد إذلال الأسرى الفلسطينيّين وقهرهم بل قتلهم بشكلٍ متعمّد عن سابق إصرار وقصد بهدف إظهار وحشيّتها للعالم الإنساني الذي مازال يؤمن بديمقراطيّتها وحرّيتها الزّائفة.
إنّ التّفاعل مع قضيّة الأسرى الفلسطينيّين يتطلّب دورا رسميّا فلسطينيّا متفاعلاً قويّا وصاحب رسالة سامية، وإرادة حديديّة تجبر الكيان الصّهيوني على وقف آلة الإجرام بحق أبناء الشّعب الفلسطيني، وهذا يقع على كاهل المؤسّسات القانونيّة الفلسطينيّة التي يتوجّب عليها بعد الاعتراف بعضويّتها الكاملة عام 2012 إظهار قدرتها على ملاحقة الكيان الصّهيوني في كافّة المحافل الدّوليّة، وتقديم لوائح عقوبات بحقّه حتّى يستشعر أهمّية الدّور الرّقابي القانوني الفلسطيني تجاه القضيّة الفلسطينيّة، بعد أن تمّ استنزافها بشكل مستمرّ على مدار عقودٍ طويلة من عمليّة قتل منظّم بحقّ الشّعب والأسرى سواء بالقتل أو بالأسروالتّرويع لسنواتٍ طويلة باسم مكافحة الإرهاب.
إنّ مكافحة الإرهاب بالمنظور الصّهيوني تعني اغتصاب لحقوق الأسرى والتّعدّي على منظومة قيمهم الأخلاقيّة والإنسانيّة التي هي بالأصل ممنوحة لهم شرعا وقانونا وإنسانيّةً.
ومن هذا المنطلق يتوجّب على كافّة المؤسّسات الرّسميّة بدءًا من القضاء الفلسطيني المستقلّ القيام بدوره في توفير أدنى معايير الأمن والحماية للأسرى الفلسطينيّين عبر متابعة ملفّاتهم دوليّا وقانونيّا وإنسانيّا حتّى لا يتّخذها الاحتلال ذريعة له في فرض عقوبات قاسية على الأسرى داخل السّجون و خارجها.
إنّ دور القضاء الفلسطيني هامّ جدّا في تفعيل قضايا الأسرى في كافّة المحافل الدّولية، وهذا ينطلق من الإيمان الراسخ بعدالة القضيّة وأهميّتها ليس فلسطينيّا فحسب بل إقليميّا ودوليّا أيضا.
وبالإضافة إلى الدّور القضائي الرّقابي، لا ننسى دور وزارة شؤون الأسرى الفلسطينيّين التي حوّلت فيما بعد إلى هيئة فلسطينيّة تابعة لمنظّمة التّحرير الفلسطينيّة تعنى بشؤون الاسرى وحمايتهم، سواء عبر متابعة قضاياهم ابتداء من الأسر وانتهاء بملفّ الإفراج عنهم، وهذا واجب وطني فلسطيني بامتياز.
فالدّور الفلسطيني المؤسّساتي يجب أن يكثّف آنيّا ولحظيّا تجاه الأسرى ويجب أن يتواصل دون انقطاع، فالأسرى يحتاجون إلى الدّعم النّفسي والاجتماعي والأسري لاسيما بعد الإفراج عنهم من سجون الاحتلال، فعلى تلك المؤسّسات أن تتولّى رعايتهم وتوفّر حياة لائقة لهم ولأسرهم.