عين على السجونواقع السجون

آخر قلاع الكرامة

بقلم : محمّد النجار


أن تكون أسيرا في سجون الصّهاينة، يعني أن تفقد كلّ ما يتعلّق بالحرّيّة، وأن تعيش حياة ليس بها أدنى مقوّمات الحياة الأساسيّة… فمحاولات الصّهاينة ما زالت مستمرّة في تجريد الأسير الفلسطيني من آخر ما بقي له في هذه الحياة ألا وهي الكرامة .. والواضح أنّه ما زال عاجزا عن انتزاع كرامة الأسير الذي يقاوم كلّ أنواع الفاشية الصّهيونيّة بإيمانه الكبير بأنّ قضيّته عادلة لا يمكن التّفريط بها، بل إنّها تستحقّ أن تأخذ من الأعمار واللّحم والدّم ما شاءت حتّى تبقى حيّة في ضمير هذا العالم الذي ينكر أنّنا فقدنا كلّ شيء في هذه الحياة، وعلى هذه الأرض، فحرّياتنا مغتصبة، وأمانينا مدوسة بأحذية الصّهاينة، وأحلامنا أسيرة مقيّدة، فما بقي لنا غير الكرامة؟ نعم نحن شعب فقدنا كلّ شيء لكنّنا ما زلنا نضحّي بكلّ شيء في سبيل الكرامة ولا نتعب ولا نتراجع .. ولربّما تُباع الكرامة في بعض الدّول بأبخس الأثمان، لكنّنا في فلسطين نشتريها بالدّماء والأشلاء والسّجون، فالفلسطيني يرفض العيش فوق هذه الأرض دون كرامته.

لقد فهم الصّهيوني أنّ الكرامة عندنا هي الشّرف، فأطلق سجّانيه ليمارسوا كلّ ما هو محرّم لانتزاع هذه الكرامة من الأسير الفلسطيني، تارة بالتّعذيب في مسالخ التّحقيق، وطورا بالحرمان من أبسط الحقوق الإنسانيّة، بالإضافة إلى تسليط مختلف أنواع العقبات والعزل والاقتحامات المتتالية للغرف والأقسام ومصادرة الممتلكات البسيطة وتكسيرها وغيرها من الأساليب القمعيّة والوحشيّة، لكنّه ورغم كلّ ذلك ما زال عاجزا عن الانتصار في هذه المعركة ولو لجولة واحدة.
إنّ الأسير الذي يكتوي بعذاب الحرمان والفقدان و البطش به والتّلذّذ بعذاباته من قبل السّجّان وعزله عن وطنه ومجتمعه وحارته ومدرسته وجامعته وعمله لهو الصّخرة التي يحتمي خلفها شعبه، فهو القلعة الأخيرة التي بقيت في مواجهة يوميّة مستمرّة وتكسّرت عليها كلّ رماح الاحتلال.

تبقى قضیّة الأسرى ھي القضیّة الأكثر حیویّة وھي القضیّة التي باتت في نفق مظلم تخرج حینا لتطلّ برأسھا ..لكن سرعان ما تعود إلى ذلك النّفق، لذا آن الأوان لنتكاتف جمیعا ونتّحد خلف استراتیجیّة واحدة موحّدة جامعة یتّفق علیھا الجمیع من أجل إخراج ھذا الملفّ من النّفق ومن الزّوایا المظلمة لتكون ھذه القضیّة قضیّة لا تعلوھا ولا تتقدّم علیھا قضیّة أخرى، فالأسرى بشر، من لحم ٍ ودم، وكلّ السّنوات التي تمرّ علیھم تأكل من أعمارھم وأجسادھم، فكونوا على قدر كبیر من المسؤولیّة، في نصرتھم والتّخفیف عنھم ورفع معنویّاتھم والوقوف دوما معھم في كلّ المیادین لنمضي جمیعا قدما في كلّ المجالات والميادين والسّاحات لیشعر ھؤلاء الأبطال أنّھم لیسوا وحیدین في مواجھة ھذا السّجّان المجرم المتغطرس في معركتهم للدّفاع عن كرامتنا.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى