
بقلم: ثامر سباعنه
الأسير الشّهيد فارس أحمد محمّد بارود، أسير جديد يرتقي شهيدا في سجون الاحتلال ضمن حكاية الظّلم والقتل الصّامت الممارس بحق أسرانا، فأكثر من 700 أسير مريض، في سجون الاحتلال، يتعرّضون يوميّا للموت البطيء، بسبب الإهمال الطّبي المتعمّد، الذي تمارسه السّلطات الصّهيونية بحقّ الأسرى. يعاني الأسرى من أمراض ومشاكل صحّية مختلفة، نتيجة الظّروف المأساويّة التي يعيشونها في المعتقلات، ومن أبرزها سوء الطّعام المقدّم للأسرى من حيث الكمّية والنّوعية، وعدم مراعاة نظافته، وتدنّي قيمته الغذائيّة، كما لا تراعى الشّروط الغذائيّة للأسرى المرضى والمصابين بالضّغط، أو القلب، أو السّكري.
وتتقاعس مصلحة السجون عن تأمين مستلزمات العناية الشّخصية، والنّظافة، إلى درجة أنّ بعض الأسرى المرضى، يمضون شهورا بملابسهم الملطّخة بالدّماء، نتيجة إصابتهم أثناء الاعتقال والتّحقيق، ويشمل النّقص في مستلزمات النّظافة الأشياء اليوميّة الأساسيّة، كالصّابون مثلا، ممّا يضطرّ الأسرى مجدّدا إلى الاعتماد على الكانتين لشراء أدوات التّنظيف، وبالتّالي زيادة استحقاق مادّي إضافي على كاهل الأسرى وعائلاتهم، كما تتعمّد مصلحة السّجون حرمان الأسرى المرضى من العلاج، وتنتهج بحقّهم سياسة الإهمال الطّبي، وعدم توفير الأدوية، بل الاكتفاء بالمسكّنات دائما (وغالبا ما يكون الاكمول)، على الرّغم من أن بعض المعتقلين يعاني من إصابات تعرّض لها خلال عمليّة الاعتقال، أو من أمراض مزمنة، وتتعدّى ممارسات سلطات الاحتلال، الإهمال الطّبي المتعمّد، لتصل إلى استخدام الأسرى كحقل تجارب طبّية، لتجريب الأدوية الخطيرة وإجراء التّدريبات الطّبية عليهم، لصالح طلبة الطّب “الإسرائيليّين”، ما يخالف المواثيق والأعراف الدّوليّة والقيم الإنسانيّة.
الأسير “بارود” هو عميد أسرى غزّة وأقدمهم من مخيّم الشّاطئ غرب غزّة، وهو معتقل منذ 23/3/1991، ومحكوم بالسّجن المؤبّد بتهمة قتل مستوطن، وخلال هذه الفترة الطّويلة تنقّل بين كافّة سجون الاحتلال، وعزل لأكثر من 10 سنوات، وتوفّيت والدته قبل عامين وهي تحلم بلمسه وليس رؤيته كونها فقدت النّظر منذ سنوات طويلة من طول البكاء على نجلها الأسير وكانت محرومه من زيارته لسنوات. وباستشهاد بارود ارتفع عدد الأسرى الشّهداء ليصل إلى (218) شهيدا، وكانت صحّة الأسير الشّهيد “بارود” قد تراجعت بشكل واضح بعد الإضراب الذي خاضه في شهر نوفمبر من العام الماضي، حيث أصيب بفيروس في الكبد وأجريت له عمليّة استئصال لجزء منه، وأعيد إلى السّجون، لم تقدّم له الرّعاية الطّبية اللاّزمة، وتراجعت صحّته كثيرا ودخل في حالة غيبوبة ثم ارتقى شهيدا.
الحدث الأصعب الذي مرّ على بارود في رحلة سجنه الطويلة، هو وفاة والدته في أيار/ مايو 2017، عن عمر 85 عامًا، أمضت ثلثه تقريبًا وهي تنتظر أن تجتمع بابنها بعيدًا عن قضبان السّجن، وفقد بارود ثمانين بالمئة من بصره في السّجن، وكان من المفترض إطلاق سراح بارود مع الدّفعة الأخيرة من قدامى الأسرى الذين تعهّد الاحتلال بإطلاق سراحهم خلال صفقة إحياء المفاوضات أواخر عام 2013، غير أنّه تمّ تعليق الإفراج عن تلك الدّفعة، ورفض الاحتلال إطلاق سراح 30 أسيرًا.
لقد حقّ علينا أن يفتح هذا ملف الأسرى المرضى بشكل خاصّ والأسرى ككلّ بشكل عام على مصراعيه عالميّا وعلى الصّعيدين الإعلامي والقانوني في كلّ المحافل الدّولية، بدل أن ننتظر شهداء جددا