بقلم :- الأسيرة المحررة – أحلام التميمي
"لا أحد يذكرنا ،، نحن متروكون للظلام ،، أصبحنا صفحة من صفحات الماضي!" .. هكذا بدأت حكايته، هي جملةٌ كثيراً ما تتردد على ألسنة الأسرى الفلسطينيين والعرب القابعين في سجون الاحتلال، وهذه الجمل لم تأت من فراغ؛ وإنما جاءت نتاج حالة من النسيان العربي والإسلامي والعالمي لقضية الأسرى منذ أكثر من أربعين عامًا.
ما زال أول أسير فلسطيني محرر (محمود حجازي) يروي القصص والحكايا عن واقع أَسْرٍ عاشه في السجون عام 1965م ، لم يكل ولم يمل لحظة عن سرد تلك اللحظات رغم تقدم عمره الذي تجاوز السبعين عاماً، لأن ما لاقاه في الأسر أصعب من أن يمر عليه مرور الكرام، وكيف ينسى ذلك المحرَّر السبعينيّ ألماً ما زال محفوراً على جسده وفي ذاكرته!! كيف ينسى عيون سجانين كالوحوش تنهشه أول الصباح وآخر المساء وساعات الليل الطوال! هذا الليل الذي كان يمر ثقيلاً كثقل الجبال!!
مثل محمود حجازي تحرر كثر، وما زال آلاف غيرهم يكملون رحلة الصبر داخل الأسر، الأسر الذي لا يعلم عنه الكثير إلا النزر اليسير، والسبب هو اعتقاد الغالبية أن الأسر عند الاحتلال وضع مُسَلّم به في ظل معادلة الحرب القائمة منذ أكثر من ستين عاما في فلسطين، وأن من يَعتقلون هم أولئك الذين لا يقف الصخر أمامهم إلا وكان مصيره التحطم!
ولكنهم لا يعلمون أن هؤلاء الجبال خلف قضبان المحتل الغاشم يتعرضون لشتى أنواع التعذيب، والغاية من ذلك هي صَهرُ فكرهم المقاوم وإرادتهم الحرة، لا يعلمون أنهم من لحم ودم بحاجة لكل ما يحتاج له الحر، لا يعلمون أنهم يحاكون القمر كل ليلة ويعتصرون ألم الفراق والاشتياق ويكتمون الآه التي خلفها العدو بسياطه على أجسادهم..
كما ويعتقد الأغلبية أن أسرانا يعيشون في سجون الاحتلال حياة رفاهية أسوة بسجون بلاد الغرب التي يتوفر فيها أكثر من خمسين بالمئة من حاجيات سجنائهم؛ رغم أنهم مسجونون على خلفيات جنائية، بينما لا يعلمون أن ما يتوفر لأسرى القضية الفلسطينية العادلة لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة من الحقوق التي نصّت عليها المواثيق الدولية والتي تجاوزتها المؤسسة الإسرائيلية بكل جرأة ووقاحة ولا ضابط لتعدياتها من أي جهة كانت؛ رغم أنهم معتقلون على قضايا أمنية لا تجيز للمؤسسة الأمنية الاحتلالية اعتقالهم عليها لأنها جاءت نتاج حالة "دفاع عن النفس" .. لماذا ؟؟
لأن هذه المؤسسة ببساطة "فوق القانون" ويحق لها ما لا يحق لغيرها؛ وتعتبر نفسها "إمبراطورية" لها حق الاعتقال والسيطرة والاستبداد والتسلق على عذابات الآخرين!
ولفضح جرائم الاحتلال بحق "أسرى حرب" القضية الفلسطينية، نحن بحاجة إلى خطة إعلامية، وعليه ولِدت هذه المجلة من رحمٍ فلسطيني، شبابي، إنساني، تطوعي، لتكون واحدة من المجلات الإعلامية المتخصصة والفريدة والمختلفة عن غيرها، لتنشر وتكتب عن فظائع ما يقترفه السجان خلف قضبان سجون أرادوها لأسرانا قبورا..
يدرك الشباب المتطوعون في هذه المجلة أن طريقها سيكون محفوفاً بالمشاق والمخاطر، لأن كل من يقترب من "السرطان الإسرائيلي" يكون مصيره المرض العضال، ولكنهم أَبَوا إلا أن يحاربوا عدو فلسطين الأول بـ "الكلمة".. "الكلمة" التي باتت أخطر من السلاح على المؤسسة الإسرائيلية في كثير من الأحيان!
ولأنها ستحاول عبر كلماتها أن توقظ أمة كانت في سبات عميق عن حال أسرى القضية الفلسطينية الذين حملوا على عاتقهم تحريرها فعلا لا قولا، وهذا ما لا يريده الاحتلال، ستنطلق هذه المجلة لتكون الشمس دليلها والله هاديها وحاميها، وسلاح الكلمة يشعل نورا يبدد ظلام الاحتلال المتغطرس ولو بعد حين..