عين على السجون

أهالي الأسرى … قصّة معاناة وعذاب لا تنتهي

بقلم : فاطمة القاضي


لم تقتصر معاناة أمّهات الأسرى على فقدان أبنائهنّ وضياعهم بين قضبان سجون الاحتلال، بل طالت هذه المعاناة الذّلّ والإهانة عند الزّيارة، فعرقلة من جهة وإساءة في المعاملة من جهة أخرى تتلقّاها أمّهات الأسرى أثناء الزّيارة.
فالأمّ حين تنوي زيارة ابنها في المعتقل فإنّها تعاني من إرهاق مادّي كبير وتعب جسديّ مثقل، إضافة للخروج منذ ساعات الصّباح المبكّر حتّى منتصف اللّيل علما أنّ الزّيارة قد تلغى أو تواجه معيقات في أيّ لحظة ودون سابق إنذار.
رحلة عذاب
وفي هذا السّياق أوضح رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى أمين شومان، أنّ بعد المسافة بين سجون الاحتلال ومساكن أهالي الأسرى هي المعاناة الأساسيّة والمشكلة الأكبر، فسجون الاحتلال كثيرة منها ريمون ومجدو وشطّة وعسقلان، فهي رحلة عذاب للأمّهات تستغرق ساعات طويلة تقتصر على الطّريق، علما أن الزّيارة لا تتجاوز الأربعين دقيقة.
وأجمعت فريدة معرف والدة الأسير رأفت القروي على كلام شومان وقالت: “أصعب شيء نواجهه هو المشوار الطّويل من الصّبح السّاعة خمسة لحتّى ساعات متأخّرة في الليل”، مشيرة إلى التّجمع أمام الصّليب الأحمر للانطلاق في اتّجاه السّجون وتوقّف الباص في أكثر من محطّة للتّفتيش.
تفتيش عار … ومذل
مضايقات كثيرة تلحق بأمّهات الأسرى وزوجاتهم وشقيقاتهم، فقد وصل الأمر للتّفتيش العاري من كافّة الملابس لأمّهات الأسرى، فتكاتف أمّهات الأسرى مع بعضهنّ قد يمنع هذه السّياسة التّقشفية في بعض الأحيان.
وفيما يتعلّق بهذا الأمر أوضحت كوثر خضر والدة الأسير محمّد الحمامة المحكوم مدى الحياة، أنّها رفضت التّعرّي حتّى لو تطلّب الأمر المنع من زيارة ابنها، فكلّ الأمّهات والزّوجات يتضامنّ ويرفضن التّفتيش العاري.
وأكّد شومان أنّ هذه السّياسة مرفوضة حسب مواثيق جنيف، إلاّ أنّ الاحتلال يكسر كلّ القوانين ولا يحترم أي قانون اذا كان لا يخدم مصلحته، موضّحا أنّ هذا تعدّ على شرف الإنسان وكرامته خاصّة عند تعريتهنّ على أبواب السّجون.
وفي الإطار ذاته بيّنت يسرى والدة الأسير أحمد حسين المحكوم عليه أربعين عاما، أنّ التّفتيش بكافّة أشكاله هو ذلّ: “صراخهم ونفترتهم إهانة لكرامتنا وتحكمهم المذلّ غير تشليح الأواعي.”
وتتابع يسرى بالقول:” التحكم الزايد من اطلعي وارجعي ومرمرتنا دايما هاي بحد ذاتها معاناة دون مراعاة إذا كانت الوالدة مريضة أو غير قادرة على هذا وكل مرّة هالمرمرة بتزيد.”
عقوبة جماعيّة
لم يكتف جيش الاحتلال بالمماطلة والسياسات القهرية عند الزيارة، بل وصل حد منع الزيارة خاصة بعد الوصول إلى بوّابات السّجن، فالعقاب لا يكون على المستوى الفردي بل يطال كافة الأسرى المقرر زيارتهم وهذا من أجل الضغط على أهالي الأسرى.
وأكّد مدير مركز حريات حلمي الأعرج أن هذا انتهاك وتضييق على حياة الأسرى الخاصّة، فمنع الزّيارة عقوبة جماعيّة كانت أو فرديّة هو مضايقة لأهالي الأسرى من جهة، وإزعاج للأسرى وضغط عليهم من جهة أخرى.
وفي السّياق ذاته تروي كوثر والدة الأسير محمّد لنا مواقف عديدة حصلت ومنعوا من الزيارة من أجلها، ” في أم أسير دخلتلو بنطلون بس كان مثني عأساس انو شورت واخروا كل الأهالي 3 ساعات من أجل هذا الشيء ولما روحنا وصلنا عبيوتنا ع 12 بالليل.”
ممنوعون من الزّيارة
فالمواقف كثيرة وحجج الاحتلال أكثر من أجل زيادة معاناة الأسرى داخل السّجون، فمنع الأهالي من الزيارة حجّة كونهم ممنوعون أمنيّا أو أنّ ابنهم معاقب أصبح يستخدمها الاحتلال كثيرا.
وأشار شومان إلى أن هناك بعض الأهالي بعد وصولهم الى أبواب السّجن يكتشفون أنّ ابنهم ممنوع من الزّيارة لدواع أمنية.
غرفة الانتظار
سياسة أخرى وعذاب آخر، وهو غرفة الانتظار التي ينتظر فيها أهالي الأسرى ساعات لكي يزوروا ابنهم لمدّة قليلة لا تتجاوز النّصف ساعة.
فريدة معرف والدة الأسير رأفت القروي، أوضحت أنّ المعاناة لم تقتصر على التّفتيش لساعات طويلة على كافة المعابر، ولا حتى على التفتيش والانتظار في الشّمس، بل طال ذلك الانتظار لساعات طويلة في غرفة ضيّقة وازدحام الأهالي كالفئران في داخل الغرفة وعدم القدرة على الحركة.
وتتابع معرف:” لا مش وبس هيك وكمان بعاملوك كأنك حيوان، غير الاستهزاء والمسخرة والتشمت فينا”
فأمّهات الأسرى وزوجاتهم لا يزلن ينتظرن الفرج القريب من الله، وأن تزول هذه المعاناة وهذا التّنكيل آملين أن يفكّ أسر كافّة أسرى سجون الاحتلال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى