
بقلم : سعاد محبوبي
في فيديو لزوجة الأسير “ماهر الهشلمون” توضّح فيه مدى صعوبة خبر الاعتقال والأسر على عائلة الأسير(ة) في حالة المصاوبة باتجاه المستشفى، – المجزرة- ومدى قوّتهم وصمودهم المستمدّين من الباري بتوكل وثقة مطلقة في حكمته سبحانه.. كما جاء على لسان بهية النتشة زوجة “ماهر”
قالت بأن الأسير يصبح رقماً وهذا انتهاك صارخ في حقه كإنسان قبل أن يكون فلسطينيّا.. ذاك المخلوق العنيد، الذي جابه الاحتلال بكل ما أوتي من بغض في الله لآل صهيون.
هذا من جهة، من جهه أخرى.. ما يثير الخوف والرّعب حقاً في قلوب عائلات الأسرى، بيان الحركة الأسيرة الأوّليّ الذي تتوعّد فيه الاحتلال بتمرّد آخر سمّوه “بمعركة الكرامة 2”.
ليصبح الإضراب عن الطعام جزءاً ثابتاً من حياة المعتقلين الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال !
يَعتمد نجاح الإضراب عن الطعام على ثلاثة عوامل: الحشد الإعلامي، والتحركات الشعبية المسانِدة، وقوة إرادة المضرِب عن الطعام، وهو أهم عامل. وغالباً ما تكون إرادتهم صلبة كالصخر.
كما يُعتبر الإضراب عن الطعام آخر أساليب الأسرى للمطالبة بحقوقهم.
وللإضراب تاريخ طويل جداً بدأ في نهاية الستينات وقد كان أبرز الإضرابات، إضراب سجن الرملة بتاريخ 18/2/1969 واستمر (11) يوما بسبب المطالبة بتحسين وزيادة كمية الطعام وإدخال “القرطاسية” ورفض مناداة السّجّان بكلمة (حاضر سيدي) ورفض منع التجمع لأكثر من أسيرين في الساحة وكذلك زيادة وقت “الفورة”.
الإضراب عن الطعام أو “معركة الأمعاء الخاوية”، هو امتناع المعتقل عن تناول كافة أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناول الأسرى باستثناء الماء وقليل من الملح، وهي خطوة نادراً ما يلجأ إليها الأسرى، إذ أنها تُعتبر الخطوة الأخطر والأقسى التي يلجأ إليها المعتقلون لِما يترتب عليها من مخاطر جسيمة – جسدية ونفسية- على الأسرى وصلت في بعض الأحيان إلى استشهاد عدد منهم، بدءا بالشهيد “عبد القادر أبو الفحم” الذي استشهد بتاريخ 11/7/1970، خلال إضراب سجن عسقلان، وهو بذلك أول شهداء الحركة الأسيرة خلال الإضراب عن الطعام، ومروراً بالشهيد “راسم حلاوة” و”علي الجعفري” واللذين استشهدا بتاريخ 24/7/1980 خلال إضراب سجن نفحة.
هذا عن تاريخ بداية هذا الأسلوب النضاليّ الذي لازال ينتهجه الأسرى، وقد كان آخر إضراب عن الطعام في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني 17 أبريل 2017 الذي سمّوه بـ “إضراب الحرية والكرامة”، عندما بدأ نحو 1500 أسير فلسطيني إضرابا مفتوحا عن الطعام بقيادة الأسيرين القياديّين مروان البرغوثي وكريم يونس، وذلك بالاكتفاء فقط بتناول الماء والملح، احتجاجا على سوء المعاملة ومنع سلطات السجون ذوي الأسرى من الزيارة الشهرية الثانية لأبنائهم والمعاملة السيئة التي يتعرضون لها خلال الزيارة. ولم تكن مطالبهم تتجاوز معاملة جيدة تحترم إنسانيتهم، وحقوقا لا تخرج عن ذاتِ السياق !
دام الإضراب مدة 41 يوماً بعزيمة قوية تتحدى الأمعاء الخاوية، واستفزازات المستوطنون حينما قاموا بحفل شواء أمام أحد السجون لإضعاف هِمّة الأسرى، قمع وضرب وتنكيل من طرف السّجّان.. وغيرها من الأساليب التي يعتمدها الاحتلال ومسانديه، في محاولة منه لثَني الأسرى عن نضالهم، لكن لم تنجح كلّ تلك المحاولات، وبعد 41 يوماً من الجوع القاتل.. تفاوض قادة الإضراب وعلى رأسهم الأسير مروان البرغوثي، مع سلطات الاحتلال مدة عشرين ساعة، ليتم تعليق الإضراب بعدها.
أما اليوم فنحن مقبلون على الجزء الثاني مِن إضراب الكرامة، الذي يُعد تهديداً صريحاً لحياة كافّة الأسرى المضربين سابقاً. فهل سنُسلم حياة الأسرى بصمت مريع جداً وتخاذل متوقع، على طبق مِن ذهب كما سلّم “دونالد ترامب” القدس والجولان لآل صهيون؟