
الأسير المحرّر م. بلال استيتي
في فلسطين كلّ شيء مختلف فحتّى صلة الرّحم التي أمر الله بها الإنسان لأقاربه وقريباته مختلفة في الأراضي المحتلّة من المحتلّ الصّهيوني ولا سيما في السّجون الصّهيونيّة التي يمنع فيها الأسير الفلسطيني من أهمّ حقوقه في التّواصل مع أهله وأقاربه ومتابعة حياتهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، فالزّيارة مرّة بالشّهر وللأهل من الدّرجة الأولى ولشخصين فقط وأغلب الأسرى ممنوعون من الزّيارة أو هناك عقوبات من إدارة السّجون لهم أو أن أهاليهم ممنوعون بسبب أمني أو لكونهم أسرى سابقين.
فأبدع الأسرى الفلسطينيّون في سجون الاحتلال في إيجاد طريقة لصلة الرّحم مع أهاليهم رغم أنّها مكلفة مادّيا لهم وتتسبّب في عمليّة التّفتيش الدّوريّة اللّيليّة ومضايقات الإدارة وأخيرا أجهزة التّشويش التي تسبّب لهم الأمراض الخطيرة المسرطنة والتي يخوض أسرانا الأبطال معركة الصّمود في المحافظة على كرامتهم في داخل سجون لاحتلال لوحدهم للأسف دون أيّ دعم رسمي و شعب محلي و عربي و دولي وهم الان يخوضون اضراب الكرامة والعزة في سبيل الحصول على حقوقهم التي كفله لهم القانون لدولي الذي يتغنى به لجميع رغم انحيازه الكامل للاحتلال الاسرائيلي.
جهاز الخلوي او الموبايل او الجوال هو جهاز صغير يبدع الاسرى في تهريبه منذ وخر تسعينيات القرن الماضي من أجل بقاء تواصلهم بشكل دائم مع أهاليهم ليتطمنوا عليهم حيث أنه على الاقل ثلث عدد الاسرى ممنوعون من الزيارة لمحدودة لأهاليهم والتي اصلا لا يسمحون الا لعدد محدد بها من خلف زجاج والكلام عبر سماعة هاتف، ومنذ ذلك الحين يخوض الاسرى وسجانيهم معارك دائمة في ايجاد المخابئ لها والبحث عنها ومصادرتها حتى أنه بلغ سعر جهاز الموبايل الذي تكلفته بضعة دولارات في الخارج 3-5 الاف دولار وهناك اسعار خيالية للأجهزة الخلوية الحديثة من اجل تهريبها ودخولها للأسرى في دخل السجون ، وأبدع الاسرى في ايجاد أماكن يحتفظون بها بعيدا عن العدو واعوانه في داخل السجون، لا زلت اتذكر في عام 2008 م في سجن النقب الصحراوي حيث كنت اعيش في قسم يسمى القفص وهو اربع أقسام كل قسم يعيش فيه 100أسير، وهناك جهاز موبايل تالف فتبرع احد الاسرى المميزين بإصلاحه ليتمكن الاسرى من التواصل مع اهاليهم وفي حينه علمت ابداعه بأن قام بصيانته من لا شيء بسلفر بكيت الدخان وهي فكرة لا تخطر على اكبر مهندسي الاتصالات وصيانة الاجهزة الخلوية في العالم ودفع ضريبة ذلك العقاب او العزل لفترة جيده من قبل ادارة السجون.
في الاسر اكثر ما يجد الانسان ويضيق في صدره عندما يتوفى أحد اقاربه او تحدث مشكلة مرضية مع أحد احبائه او مناسبة سعيدة ويكون هو بعيد لا يستطيع ان يطمئن على اهله وعائلته فانا مكثت اكثر من سنتين لم تأتي امي على الزيارة التي هي كل عام مرة واحده بالنسبة لي، وكان حصل معها وضع صحي خطير جدا لم علم به الا عندما خرجت من السجون الظالم اهله بعد مكوثي أربع سنوات وبعث برسالة بالبريد لتلفزيون فلسطين في حينها لبرنامج خاص بالأسرى لأطمئن على اهلي وللأسف كانت ادارة السجن تمنع المحطات الفلسطينية لتمنع تواصل الاسرى مع اهاليهم عن بعد ايضا.
فالموبايل او الجهاز الخليوي ليس للترف أو للتواصل غير الهادف في السجون بل هو اداة وصلة رحم بين الاسير وأهله او الاسير وخطيبته وزوجته ولحل اشكالياته في المحاكم او غيرها التي تحدث في خارج السجون ولذلك يشن الاحتلال الاسرائيلي حملة مسعورة عليهم لأجل بضعة اجهزة خلوية يمتلكونها من اجل صلة رحمهم، ويخوضون معركة العزة والكرامة بعد الاعتداء عليهم في سجن النقب ورامون وغيرها.
في الاسر ثلة من المؤمنين بالله والوطن من حقهم أن يعيشون كغيرهم فخطيئتهم حبهم لوطنهم وسيرهم في طريق الحق الذي ارتضوه لهم في طريق العزة والكرامة ولفخار والسؤدد ممثلين عن لامة العربية والاسلامية التي تتركهم يعانون الامرين دون أن يلتفت لهم أحد ، فهم لا يمتلكون أجهزة للبابجي وغيره من الالعاب ولا يستخدمونها من اجل الكلام التافه فهم يريدون الحصول على حقهم في صلة ارحامهم .
حفظ الله اسرانا وفك سرهم ونصرهم على من يعاديهم رغم خذلان الامة لهم.