
بقلم : الأسير المحرّر أيّوب العواوده
أكثر من سبعة آلاف أسير فلسطيني يقبعون في السّجون الإسرائيلية، يواجهون ويلات عدوّهم كلّ يوم، منهم النّساء والرّجال والأطفال وكبار السّنّ والمرضى يحاول الاحتلال سلبهم الحياة والحرّية وهم يحاولون انتزاع حقوقهم وإن كان بالقوّة.
ومن طبع الإنسان الحرّ أن يرفض المهانة وأن يمارس المقاومة لمواجهة من يسلبه حقه، فكيف لو كان احتلالا لعينا سلبهم أرضهم وديارهم وزجّ بهم في سجونه بجبروته.
إن أسرانا البواسل في مجتمعنا الفلسطيني ليسوا مجرّد مواطنين غابوا عن شوارع الوطن، بل هم أهل نضال وتضحية أفنوا سنوات عمرهم خلف أسوار السّجون لأجل وطنهم وأبناء شعبهم.
وفي اللحّظة التي يتهجّم فيها عدوّهم وسجّانهم على حقوقهم البسيطة لا بدّ لهم أن يثوروا وينتزعوا حقّهم حتى لو كان من أنفاس سجّانيهم، وهذه المقاومة لا يقابلها السّجّان باحترام لإنسانيّتهم أو حقوقهم إنّما يقابلها بقمعهم وإذلالهم وزيادة غطرسته عليهم.
فكيف يكون قمع الأسرى في السّجون؟
مثل ما حدث في الأيّام القليلة الماضية حيث قامت قوّات السّجون بوضع أجهزة تشويش٠في بعض أقسام النقب من أجل منع الأسرى من التواصل مع ذويهم إضافة لكونها أجهزة مسرطنة مؤذية، فما كان من الأسرى إلا أن يعبّروا عن رفضهم واحتجاجهم..
في اللّحظة التي يبدأ فيها القمع أو الاشتباك مع الأسرى فهذا يعني أن أسرانا يمرّون بأوقات عسيرة ولا يقدّر هذا إلاّ الأسرى أنفسهم. تبدأ المناورات بين الأسرى وإدارة السّجون فيقوم الأسرى بالاستعداد للمواجهة تحت مصطلح “اتبسطروا” بمعنى أن يقوم الأسرى بارتداء ملابسهم وأحذيتهم ولثمهم وتقسيم أنفسهم إلى مجموعات، يتم إبعاد المرضى وكبار السّنّ عن المواجهة. أمّا السّجّان فيقوم بنشر قوّات كبيرة من السّجّانين في محيط الأقسام وعند الباب الرّئيسي تتواجد قوّة كبيرة معزّزة بالرّصاص المطاطي وقنابل الغاز وأدوات القمع.
اللّحظة التي تتمّ فيها مواجهة الأسرى في الأقسام هي أشبه باللّحظات البوليسيّة التي لم توثّقها الكاميرات ولم تمثّلها الأفلام العالمية من فظاعته وبشاعتها، فإذا أصيب أحد الأسرى فإنه يضرب بلا هوادة حتى يصل الطبيب ويستمر الضرب العنيف حتى في عيادة الطبيب الذي لن يقدّم في الغالب شيئا يذكر. أما باقي الأسرى فيتم تقييدهم وإلقاؤهم فوق بعضهم البعض في الساحات لتبدأ حكاية أخرى من تفتيش وعبث في أغراض الأسرى وتفريغ الأقسام من محتوياتها حيث يفقد الأسرى كل ما كان بجعبتهم ويعودون إلى نقطه الصفر كما لو أنهم قادمون جدد، فمنهم من يفقد مؤلفاته وذكرياته ومقتنياته التي مكث أعواما يجمعها. وبعد أن تقوم إدارة السجون بتكبيلهم يقومون بجرّهم وسحبهم إلى الباصات الحديديّة لنقلهم وتوزيعهم إلى الأقسام الأخرى كإجراء عقابي وقمعي.
هذا هو القمع.. إنه ليس مجرّد خبر عاجل أو عابر، فكثير من الأسرى يصابون بإعاقات ومنهم من يستشهد مثل الأسير الشهيد محمد الأشقر عام 2008 وغيرهم ممن أضيف إلى حكمه سنوات أخرى بتهمة الاعتداء على السّجّانين.
إنّ ما حدث في سجن النقب بتاريخ 24/3/2019 ليس إلاّ نموذجا للقمع الإسرائيلي لأسرانا الذين انتفضوا على تركيب أجهزه التشويش في أقسام حركة حماس 3 4 5 6 7 وأثناء نقل الأسرى من قسم 4 قام الثائرون المقاومون بطعن ضابطين ردّا على همجيتهم واستفزازهم للأسرى موصلين بذلك رسالة للجميع أنّهم لن يسمحوا لسجّانيهم سلب كرامتهم بعد أن سلبوا حرّيتهم وجاء ردّ مقاومة الشّعب في الصباح التالي بإطلاق صاروخ إلى شمال تل أبيب منذرين الاحتلال أن الأسرى ليسوا وحدهم في معركتهم.
التّضامن مع الأسرى مطلوب من جميع الأفراد صغيرهم وكبيرهم وهم يحتدمون مع عدوّهم معرّضين أنفسهم للموت.