
بقلم : أفنان رمضان
تحكي الزيارة كم حرمنا قبلة
لأحبة تاقت إليهم أضلع
وشفاهنا ابتسمت إباءً ساخرا
من غائب بغليله يتوجع
وعيوننا انتظرت طويلا نظرة
من أسهمٍ ترمي القلوب وتولع
في السجن هناك قد تكون الأيام متشابهة كما الدقائق والثواني والساعات، حتى الصباح يشبه المساء، والشروق كما الغروب، التاسعة صباحا تشبه التاسعة مساء، بإستثناء ذلك اليوم الذي هو بمثابة الجائزة الكبرى والتي لا يحظى بها من الأسرى إلا ذو حظ عظيم؛ وهي زيارة الأهل.
فكثير من الأسرى تعاقبهم إدارة السجون بمنع الأهل من زيارتهم وهذا أقسى من السجن كله.
هو يوم يأتي كل أسبوعين، أو كل شهر، دقائق معدوده لا تتجاوز 45 دقيقه بأي حال من الأحوال.. في ذلك اليوم تترقب إشراقة الشمس بفارغ الصبر. تنهض من فراشك بكل حيوية وتفاؤل، تسارع لتجهيز نفسك، تتزين كما لو كان يوم العيد، تتهيأ وتستعد، وتنتظر بكل لهفة الساعة التي ينادون عليك للزيارة.
يوم المنحة الكبرى هو يوم تعانق بريق عيونهم، سواء كانت أمك أو أباك أو أختك أو أخاك.. تسمع نبرات أصواتهم عبر سماعات الهواتف تركض مسرعا نحوهم تشتاق ضمةً بين أحضانهم لكنك سرعان ما تصدم بالزجاج الفاصل بين جسدك وأجسادهم..
لحظات معدودة كأنها فرحة الطفل بيوم العيد، تعود من زيارتك بصدر مشروح مبتهج و ترجع لقسمك حيث يتلقفك الأسرى يباركون لك الزيارة ويطمئنون عن أحوال أهلك..
هذا اليوم الذي تشرق فيه روح الأسير وتتجدد فيه مشاعر الحب مع أهله.. قديسمح بعض الأحيان للأطفال الصغار جدا الدخو ل عند الأسير لمعانقته فتكون لحظة من أصعب اللحظات خاصه عند الأسيرات الأمهات فسجن الدامون يضم حوالي ١٧ أماً حُرمنّ من أطفالهن.. وحرم أطفالهن قربهن.. فهن أكثر الناس ألما لبعدهن عن أسرتهن.. فكيف حينها عندما تعانق الأم ابنها أو ابنتها لعدة دقائق، تلك اللحظة تتمنى لو يتوقف الزمن لحظة.
ولأن الزياره هي الأمل العظيم في حياة الأسير فإن إداره السجون تستخدمها سلاحا وعقابا ضد الأسرى فمثلا تحرم أي أسير يخوض اضرابا من الزيارة .. أو قام بأي مخالفة قد يحرم من الزيارة شهورا عديدة. وتعد الزيارة هي منفذ التواصل الوحيد؛ فمن خلالها يقوم الأهل بإدخال الملابس والكانتينا، ويخرج الأسرى لذويهم هداياهم البسيطه كالأعمال اليدوية التي يحفرون عليها الأسماء والأشواق، وإن سمح لهم ببعض الكتب، وعند انقطاع الزيارة ينقطع كل هذا..
يوم الزياره كأنه يوم من الأحلام الجميلة، يوم من العالم الجميل، كأنه الهواء الذي يمد الأسير بالحياة فمن الزيارة إلى الزيارة يبقى القلب مشتعلا بالانتظار…