زاجل الأسرىكي لا ننسى

التّفاعل مع قضيّة الأسرى .. و تصحيح المسار

 

بقلم: محمّد النّجّار

 

إنّ قضية الأسرى الفلسطينيّين في سجون الاحتلال كانت ولا زالت القضية الوحيدة التي يجتمع عليها كل أبناء الشعب الفلسطيني بعامته وفصائله ومؤسساته , وبل هي صمّام الأمان للوحدة الوطنية بين الفصائل المنقسمة , ورغم كل المحاولات لطمس هذه القضية وجعلها قضيّة عابرة إلاّ أنّ تلك المحاولات باءت جميعها بالفشل.

 

نتحدث اليوم عن تفاعل خجول في مختلف محافظات الضفة و قطاع غزة مع قضية الأسرى , و إن هذا التفاعل و بكل صدق بحاجة إلى إعادة ترتيب بشكل أكبر حتى يكون ذا تأثير حقيقي و تحقق هذه الفعاليات هدفها المنشود .

 

لذا، قررت أن أكتب هذا الكلام تحت هذا المسمى (تصحيح المسار)، لأنّنا وبكل صدق بحاجة إلى إعادة رسم الطريق التي توصلنا إلى تحصيل أكبر تفاعل مع قضية الأسرى بأقل التكاليف وأقل الجهود … وهنا أود طرح عدة نقاط أدعو كل المهتمين بهذا الملف وهذه القضية للأخذ بها حرصاً على هذه القضية التي لم ولن تنتهي ما دام هناك احتلال فوق أرضنا يقتل ويهدم ويحرق ويقصف ويعتقل ليلا نهارا، بل هي قضية لا تعتبر مرحلية بل تعتبر قضية نعيش تفاصيلها يوماً بيوم و لحطة بلحظة ..

 

أولى تلك الأمور التي أريد التحدث عنها والتي هي أخطرها على الإطلاق، أنّ بعض المؤسسات الرسمية أو بعض العاملين فيها تعمل على احتكار قضية الأسرى في الكثير من الأحيان، وبل في بعض الأحيان تضع العراقيل و المعوقات و تحارب كل من يريد العمل في هذه القضية دون مبررات واضحة، وهنا يجب أن تصل هذه المؤسسات الرسمية وجميع العاملين فيها إلى قناعة تامّة أنّ قضية الأسرى هي قضية الكل الفلسطيني وأنه من المهم أن يسمحوا لكل شرائح الشعب الفلسطيني بالانخراط في دعم هذه القضية …

 

وهذا الأمر الأول يقودنا إلى الأمر الثاني، ألا وهو التنسيق في تنظيم الفعاليات… التنسيق الذي يكاد يكون معدوما بشكل مطلق بين الجميع، والمطلوب هنا أن يكون هناك تعاون و تنسيق بين كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والمراكز المعنية بالأسرى والمجموعات الشبابية والنقابات ومجالس اتحاد الطلبة وكل الناشطين… 

فقط، من خلال التنسيق بين هذه الجهات مع بعضها البعض، ستكون قضية الأسرى خلال فترة قصيرة قضيّة كل فرد في هذا الوطن على اختلاف جنسهم وعمرهم وعملهم ولأصبحت قضية الأسرى هي القضية التي تؤرق الاحتلال وتجرّ الشارع نحو مزيد من المواجهة معه في كل الأماكن على أرض فلسطين.

 

ومن حقّي كأسير محرّر أن أتساءل “أين دور النقابات الفلسطينية وأبناء هذه النقابات من موظفي قطاعات الوظيفة العمومية والتعليم والصحة وكافة القطاعات الحكومية وغير الحكومية من قضية الأسرى؟؟ لو قامت كل نقابة في فلسطين بدعم أبنائها الأسرى والتضامن معهم، و بشكل عام إنّ العديد من أبناء هذه النقابات من موظفين حكوميّين و مهندسين وأطباء وممرّضين وعمّال و غيرهم هم أسرى مسجّلون في هذه النقابات، فأين دور نقاباتهم في التّضامن معهم ؟؟؟

 

و أيضا أتساءل عن دور مجالس الطلبة في الجامعات؟ والتي للأسف ليس لها دور يذكر في التضامن مع الطّلاّب الأسرى من أبناء الجامعات الفلسطينيّة .. فلو قام كل مجلس طلبة في جامعاتنا بالتعاطي مع قضية أسرى الجامعة بشكل كبير وعمل الفعاليات الطلابية المستمرة لذلك لاستطعنا إيصال هذه القضية لأكبر شريحة وهي شريحة طلاّب الجامعات..

 

أما عن الإعلام الفلسطيني فحدّث ولا حرج .. فأقلّ ما نصفه أنّه إعلام حزبي فئوي متعصّب .. هذا الإعلام مستعدّ أن ينقل كل أخبار قادته وعناصره وغير مستعدّ لترك هذا الحيّز الطبيعي الذي تستحقه قضيّة الأسرى .. بل نراه إذا أتى ليغطّي فعالية مناصرة للأسرى يركض خلف قادة الفصيل الذي يتبعه و كأنّ غيره ليس موجودا. و بل وصلت الأمور أن بعض الفضائيات والإذاعات الفصائلية تسأل قبل حضورها من هو الموجود؟ فإن وجد قادة أحزابهم نراهم يأتون و إن لم يحضروا، نراهم يتغيّبون !!!!

 

بالإضافة إلى الاستضافات أيضاً عبر هذه القنوات و الإذاعات، و كأنه غير موجود في كل الوطن غير فلان وعلان ليتحدثوا عن قضية الأسرى !!! و هم يعرفون جيداً أنّ فلان و علان قد استنزفوا كلياً ولا جديد نهائياً ليضيفوه بخصوص هذه القضية، فلماذا لا يبحثون عن وجوه جديدة من أولئك المنخرطين بالعمل الميداني ولا تخلو منهم ساحات التضامن مع الأسرى ليتحدثوا بأسلوب جديد و طريقة جديدة علّهم يحقّقون ما عجز من تحدّث قبلهم عن تحقيقه..

 

و قبل الختام، جميعنا نرى عدم وجود أي دور يذكر للمجالس البلدية والمحلية في المدن والقرى والمخيمات في نصرة قضية الأسرى، ويقتصر دورهم في مرّات معدودة في حضور رئيس البلديّة لفعاليّة لمدّة دقائق ومن ثمّ المغادرة .. ولم نسمع يوماً أنّ بلدية إحدى المدن أو مجلس إحدى القرى قام بتنظيم فعاليّة مناصرة للأسرى .. وهذا يجعلنا نسأل هذه البلديّات والمجالس أين هو دورها الوطني ؟؟ أم هل يقتصر دورها على جمع القمامة من حاويات النّفايات و جمع أموال الكهرباء و الماء من الشّعب و تقديم بعض الخدمات هنا و هناك ؟؟!!!!!

 

وأخيرا ..

 

تبقى قضيّة الأسرى هي القضيّة الأكثر حيويّة وهي القضية التي باتت في نفق مظلم تخرج حيناً لتطل برأسها ولكن سرعان ما تعود إلى هذا النفق .. لذا آن الأوان لنتكاتف جميعاً ونتّحد خلف استراتيجيّة واحدة موحّدة جامعة يتفّق عليها الجميع من أجل إخراج هذا الملف من النفق ومن الزوايا المظلمة لتكون هذه القضية قضية لا تعلوها قضية ولا تتقدّم عليها قضية.. فإنّ الأسرى بشر من لحم  ودم، وكل السنوات التي تمرّ عليهم تأكل من أعمارهم وأجسادهم، فكونوا على قدر كبير من المسؤولية.. ولنمضي جميعاّ في نصرتهم و التخفيف عنهم ورفع معنوياتهم والوقوف دوماً معهم في كل الميادين والساحات ليشعر هؤلاء الأبطال أنهم ليسوا وحيدين في مواجهة هذا السّجّان المجرم المتغطرس.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. القيام بواجبنا تجاه الأسرى يحتم علينا إيجاد الحلول وتنفيذها وعدم انتظار الآخرين. لا يضر الأسرى إن كان يهتم كل فصيل بفصيله أو أن تقام فعاليات عديدة دون تنسيق، فعدد الأسرى كبير والأعمال القليلة المتفرقة تتراكم وتفيد الجميع. ماذا يمنع أي شخص لا يظهر على قناة أو أخرى أن يخرج في حسابه الشخصي أو قناته الخاصة في يوتيوب ويتحدث كما يشاء للتعريف بالأسرى وقضاياهم، أو أن ينشر منشورات أهالي الأسرى ولقاءاتهم المرئية والإذاعية والمكتوبة ويحث الناس على متابعتها بكتابة أبرز النقاط الواردة فيها ويزيد شعبية هذه البرامج لدرجة تجعل وسائل الإعلام تزيد اهتمامها بها وتجعل صفحات القرى والبلدات والمخيمات على مواقع التواصل تهتم بالحديث عن أسراها الحاليين والسابقين وأخبارهم، أو أن ينشر قصائد وأغنيات عن الأسرى، أو أن يقيم مسابقات بسيطة تحث متابعيه على استخدام حساباتهم للحديث عن الأسرى، أو أن يترجم أخبار الأسرى إلى لغات أخرى، أو أن يتصل ببرامج الأسرى العديدة لتبليغ الأسرى داخل السجون بموجز النشاطات التي تقام خارجها، أو أن يسجل بصوته مقالات في أي مجال ويقدمها لإذاعة يسمعها الأسرى ليستفيد الأسرى، أو أن ينظم مجالس دورية لقراءة كتب الأسرى ومناقشتها مستفيدا من مشاركة المدارس وطلابها في برنامج تحدي القراءة، أو أن يتواصل مع أهالي الأسرى وينظم زيارات عائلية لتفقد أحوالهم ويصحح بيانات الأسرى المنشورة على المواقع الرسمية؟ قياس الاهتمام بالأسرى بعدد المشاركين في اعتصام أو مسيرة لا يفيد الأسرى وذويهم ول من يود مساندتهم، فطرق المساندة عديدة، وإذا بذل كل مساند جهده فيما يجيده صار قدوة لغيره، وشجع المترددين والعاملين بصمت بل حتى أهالي الأسرى عن الحديث عن أسراهم علانية دون خوف من انتقادات المثبطين وتعليقاتهم الساخرة ومقارناتهم السخيفة، التي أدت إلى إحجام كثير ممن أبدوا اهتماما بالأسرى عن مواصلة ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى