الأسرى المرضىبالورقة والقلم

الأسير المريض يسري عطيّة المصري

 

بقلم :ثائر حلاحلة

 

ما أصعب أن تعيش المرض والأسر معا وأن يتجمعا معا، هنا القسوة والأسى وقمة الظلم بل الظلم المركّب بل الارهاب بوجهه الحقيقي والواضح.

أن تكون مريضا وأسيرا وصاحب مظلومية ومناضلا ومجاهدا في قمة العطاء والصبر والتضحية والفداء والثورة، هو الواجب فوق الإمكان، هو الإرادة التي لايمكن كسرها أو تحطيمها لأنك صاحب وطن مسروق ومنهوب ومسيطر عليه وعلى خيراته ومقدّساته وبيّاراته .

يسري عطية المصري ابن رفح التي أعطت دروسا في النضال والجهاد والمقاومة، رفح الجنوب الشامخ هذا الفدائي الذي كان يتجهّز للدخول للوطن المحتلّ ليصنع هناك مجدا بدمه وأشلائه برفقة أبناء مجموعته الأسير والمريض الآن إياد أبو ناصر والأسير المريض الآن مراد أبو معيلق، ولكن قدرهم أن يتم أسرهم فيتعرضوا للتحقيق القاسي والمعاناة الصعبة، ويتم الحكم عليهم لسنوات طويلة، وفي خلال هذه السنوات يبتلى جسد يسري حافظ القرآن والفدائي والرياضي والخطيب المفوّه والقارئ وصاحب الخطّ الجميل بالمرض الذي زرعوه وأهملوه لسنوات مشكّكين بوجعه وقهره وصراخه وآلامه التي لا تغادره. 

لم يعد شكل يسري اليوم ولا جسده ولاقوته وعنفوانه كما كان قبل أكثر من ١٥عاما، فقد أصبح جسده نحيلا وضعيفا وهزيلا لايقوي أحيانا على الحراك بعد أن كان يتّقد حيوية وعطاء ونشاطا، هذا هي الدولة التي تتغنّي كذبا وزورا أنّها واحة الديمقراطية والعدل والقانون والمساواة، ولكنهم لايعرفون أنها دولة مرتع للظلم والقهر وسلب الحرية وسرقة الحقوق، ولايعرفون حجم الإهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى في سجون الظلم والإرهاب الصّهيوني، وجسد يسري المصري شاهد حيّ ودليل واضح على إرهابهم اليومي.

يسري من سنوات يعاني من مرض السّرطان الذي ينخر جسده ولم يترك وسيلة للمطالبة بالعلاج والحرّيّة، ولم تبخل عائلته وأمه تصرخ في كل ساحة وتجمع “أريد يسري حرّا، أريد يسري ليتعالج أليس من حقه أن يعيش بلا قيود، بلا حرمان؟”

ولكن يسري المصري الفدائي الذي تقرأ الوطن في عيونه، ترى حيفا ويافا والقدس في فكره وتفكيره لا يملّ تقديم واجبه وهو بالأسر من خلال إكماله للدّراسة الجامعيّة وتعبئة رفقائه بالأسر بالوعي والإيمان والثورة وعشق الشهادة وعبقها من أجل حرّية وطنه.

يسري اليوم بمرضه وصبره يدفع ضربية العزّة والانتماء لفلسطين الأرض والهويّة نيابة عنّا وعن كل الأحرار …يأكل المرص من جسده في نفحة وايشل وريمون سجون الإرهارب والظلم، فيسري ليس الوحيد الذي يعاني من المرض والوجع والأسر بل معه المئات من المناضلين والأسرى الذين سكن المرض أجسادهم، وبعضهم رحل شهيدا إلى علياء المجد والخلود كميسرة أبوحمدية وجعفر عوض وزهير لبده ومحمد الأشقر وغيرهم، ومن قبلهم عبد القادر أبو الفحم ورزق العرعير وعلي الجعفري وراسم حلاوه وعبد الصمد حريزات وقائمة الشّرف والعزّة والكرامة طويلة…

فيسري في أسره يتأوّه يتوجّع دون صراخ دون أن يسمعه العالم المتفرّج على إرهارب دولة الاحتلال التي لا تقيم وزنا لاية نداءات وقوانين وأعراف …

فيا أيّها الأسير يسري صبرا، فحرّيتك قربيا ولن يخذلك أحرار شعبك وأمّتك والعالم ومن ورائك مقاومة عاهدتك ولن تخلف الوعد معك ومع كلّ الأحرار خلف السّجون.

فلكم الحرّية والتّحية والحبّ والسّلام عليكم في عرينكم ومصدر تحدّيكم…وثباتكم …وأنتم من تحملون ميراث من تركوكم ورحلت أجسادهم ….فعليكم وعلى الشّهداء السلام..

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى