
بقلم : بسمة أيمن عنان
نكتب لهم، نحيي صمودهم، تزيّنُ كلماتنا صبرهم بأبهى حلة… نبتهج فخراً بتضحياتهم ببضع كلمات لا تستغرق قراءتها دقائق، وماذا بعد؟! هل يجدي مدادكم نفعاً، وهل يسمن كسراً للقيود، وإشراقاً لشمس حريته، أم هل يطببُ فؤاد أمه المملوء قهراً حد الانفجار، وهل يزيح سدال الهم والغم عن بيته الموشّح باليتم في ظل غيابه، أسئلةٌ قد يغمغمُ بها أحدهم أو إحداهن بعد قراءته لمقالك أو كلماتك التي لربّما انطلقت من عمق فؤادك الذي يشم رائحة ولههم لشمس الحرية . وإنّي أذكر أنّي في لحظة ما غمغمتُ بمثل هذه الكلمات، فماذا بعد حياكتنا لتلك الكلمات والمقالات؟! هل انتصر الأسير وهزم السجان؟! يا قارئ كلماتي، يا منصفي، وعزيزي.. وهل لمع نصل السيف يوماً دون أن يُشحذ بالكلماتِ اللهّابة، وهل أينعتْ ثمارُ النصر دون أن تروى بمداد الحق، أولم ينصَر رسولنا بالرعب مسيرة شهر ولنا فيه خير الأمثلة وأروعها، عندما قال إلى حسان بن ثابت ” اهجهم وروح القدس معك”، أما كان للعرب في قرونهم الأولى شاعرٌ في كلّ معركة يغزونها، يقويهم، يذكر مناقبهم، وينصرهم، ويشحذ هممهم، ويهبهم الفوز، والظفر، والنصر، قبل أن يظفروا بالنصر حقاً؟! ونحن لأسرانا هكذا، سننصرهم، ونواسيهم، ونوقف نزفَهم، ونشفي جرحَهم، بمدادنا، وكلماتنا، سننسجُ لهم الحرية ثوباً في أبهى لون. فالأسرى في سجونهم ينسجون خيوطَ حريتهم ونحن خارج عتمتهم نكمل النسجَ لنرسم لهم الحرية، نزينها، نهبهم كلماتنا لعلهم يتكئون عليها إذا كسر الحزن أجنحتهم، وأظلم ليلهم، وغاب ضياؤهم. ومع تقدّم الأيام نرى الأسرى في سجونهم و زنازينهم يأبهون الاستسلام، نجد عدداً كبيراً منهم قد أنهى المرحلة الجامعية، وعدد ليس بقليل قد سكن القرآن قلبه وجوارحه فأتمّ حفظه، ونرى عدداً لا بأس فيه يؤلف كتباً ويخرجها للنور قبل خروجه، فالأسرى أصبحوا على أهبة المتابعة لما يحدث خارج سجونهم، يرون من ينصرهم، ومن يواري سوءة حزنهم، ومن يولّي ظهره عن قضيتهم، فأضعف إيماننا هو سلاحنا، قلمنا، مدادنا، بما استطعنا به سبيلاً ننصر أسرانا. فثلةٌ من الأسرى بعد خروجهم من السجون وصفوا تجربتهم مع الإضراب، أو عند العزل الانفرادي، أو حتى في سجونهم المتهالكة، أخبرونا أنهم في كثير من الأحايين يفرحون لمجرد وقفةٍ في أزقة المدن أو ساحاتها، تشدّ على أيديهم، وتتجهّم سجانهم، ما بالكم في كلماتٍ تتلى على المذياع أو التلفاز تسمعها أمّ قلوبهم؟! هي بسيطةٌ في نظرنا، وضيائنا، ودنيانا الرحبة؛ لكنها عظيمةٌ في زنزانتهم، مضيئةٌ في عتمتهم. يكاد لا يخلو بيت فلسطيني، ولا حي، ولا زقاق، من فقدانه لأسيرٍ، أو ظمئه لرؤية أبٍ، أو أخٍ، أو زوجٍ، أو زوجةٍ، أو ابنةٍ، جلهم مغيبون في أقبية التحقيق، وغيابت السجون. ماذا علينا لو أضأنا قلوبهم بدعوةٍ في ظهر الغيب، وماذا لو أطفأنا لهيب حسرتهم بوقفةٍ في زقاق مخيمنا، وساحات مدينتنا؟! ماذا علينا في ظل انشغالنا في دوامةٍ لا مفرّ منها أن نتفقد أهليهم، وفلذات أكبادهم بابتسامةٍ وذلك أقلّ شيء نقدمه؟! ولأنّهم أسرى فلسطين سيظل مدادي وافراً غير نافدٍ ليشد على أيادي صبرهم، سأبقى بكلماتي وأضعف إيماني معهم، حتى تخطّ يدايَ بشرياتِ حريتهم، ونبأ تبييض غيابت السجون من أي أسير. أسرانا يوماً ما ستشرقُ شمسَ حريتكم، وفي اليومِ ذاته سأخطّ نبأ تحرركم العظيم، وتحتضنكم كلماتي في ساحاتِ وربوعِ فلسطين محررةً طاهرةً من رجسِ عدوّنا …
العيد خلف القضبان مشاعر مختلطة من الفرح والحزن الباحث في شئون الأسرى رياض خالد الاشقر مشاعر مختلطة تتراوح بين الفرح والحزن، بين الأمل والآلم انه ذلك الشعور الذى يراود كل اسير في يوم العيد .. يعيش الأسرى أيام العيد وسط هذه المشاعر فهم من جهة يريدون احياء سنة الفرح كما امر الله تعالى في هذا اليوم، وما بين شريط الذكريات الذى يجعل روح الأسير تحلق في السماء وتكسر القضبان لتلتقي بالأهل والأحبة وتعيش معهم تلك اللحظات السعيدة والتي سرعان ما تزول ويصحو ليجد نفسه لا يزال خلف القضبان . الأسير عنيد بطبعه وشامخ ويتمتع باراده قوية ومعنويات عالية، ولا يمكن ان يسمح للسجان بنظرة شماته في حال ظهر الحزن في محياه في هذا اليوم السعيد، وهو بعيد عن ابنائه وذويه ، وقد يكون فقد عدد منهم خلال سنوات اعتقاله مما يزيد من الحزن والهم لديه ، لذلك فهو يخلق طقوسا خاصه للعيد في الأقسام والغرف . تبدأ طقوس العيد في اخر يومين من رمضان بتنظيف الغرف والممرات والساحات، وتعليق بعض أنواع الزينة المكونة من اقمشة ملونه يتم نزعها من الملابس المستعملة، وبعض الاوراق الملونة المتوفرة بعد نزعها عن المعلبات او الاغراض التي يتم شرائها من الكنتين. صباح العيد يستيقظ الأسرى مبكراً يلبسون اجمل ما لديهم من ثياب يقوموا بالتكبير في الغرف أو ساحة الفورة الخارجية ما سمح الاحتلال بذلك، وعند دخول وقت الصلاة يؤدون صلاة العيد والاستماع الى الخطبة، ثم يصطفون بشكل دائري في الفورة ، ويسلِّمون على بعضهم بعضاً، ويتبادلون التهاني . يوزع الأسرى بينهم بعض انواع الحلويات التي صنعوها مما تيسر لهم من اغراض بسيطة سمح بدخولها عبر زيارات الاهل،أو شرائها من كنتين السجن، ينصعون القهوة التي تكفى الجميع ويوزعون كذلك التمر، ويواسون بعضهم بعضاً، ويتمنون لبعضهم ان يكون العيد القادم في ربوع الوطن وبين الاحبة. وفى بعض السجون يسمح الاحتلال للأسرى بالتزاور بين الغرف فيخرجوا في أفواج محدودة لزيارة زملائهم في الغرف الاخرى بنفس القسم، او في اقسام اخرى بنفس السجن، يمضون بعض الساعات في الحديث والسمر قبل العودة الى غرفهم مرة