عين على السجونواقع السجون

العيد خلف القضبان مشاعر مختلطة من الفرح والحزن

 

 

بقلم : رياض خالد الاشقر

مشاعر مختلطة تتراوح بين الفرح والحزن، بين الأمل والآلم انه ذلك الشعور الذى يراود كل اسير في يوم العيد .. يعيش الأسرى أيام العيد وسط هذه المشاعر فهم من جهة يريدون احياء سنة الفرح كما امر الله تعالى في هذا اليوم، وما بين شريط الذكريات الذى يجعل روح الأسير تحلق في السماء وتكسر القضبان لتلتقي بالأهل والأحبة وتعيش معهم تلك اللحظات السعيدة والتي سرعان ما تزول ويصحو ليجد نفسه لا يزال خلف القضبان . الأسير عنيد بطبعه وشامخ ويتمتع باراده قوية ومعنويات عالية، ولا يمكن ان يسمح للسجان بنظرة شماته في حال ظهر الحزن في محياه في هذا اليوم السعيد، وهو بعيد عن ابنائه وذويه ، وقد يكون فقد عدد منهم خلال سنوات اعتقاله مما يزيد من الحزن والهم لديه ، لذلك فهو يخلق طقوسا خاصه للعيد في الأقسام والغرف . تبدأ طقوس العيد في اخر يومين من رمضان بتنظيف الغرف والممرات والساحات، وتعليق بعض أنواع الزينة المكونة من اقمشة ملونه يتم نزعها من الملابس المستعملة، وبعض الاوراق الملونة المتوفرة بعد نزعها عن المعلبات او الاغراض التي يتم شرائها من الكنتين. صباح العيد يستيقظ الأسرى مبكراً يلبسون اجمل ما لديهم من ثياب يقوموا بالتكبير في الغرف أو ساحة الفورة الخارجية ما سمح الاحتلال بذلك، وعند دخول وقت الصلاة يؤدون صلاة العيد والاستماع الى الخطبة، ثم يصطفون بشكل دائري في الفورة ، ويسلِّمون على بعضهم بعضاً، ويتبادلون التهاني . يوزع الأسرى بينهم بعض انواع الحلويات التي صنعوها مما تيسر لهم من اغراض بسيطة سمح بدخولها عبر زيارات الاهل،أو شرائها من كنتين السجن، ينصعون القهوة التي تكفى الجميع ويوزعون كذلك التمر، ويواسون بعضهم بعضاً، ويتمنون لبعضهم ان يكون العيد القادم في ربوع الوطن وبين الاحبة. وفى بعض السجون يسمح الاحتلال للأسرى بالتزاور بين الغرف فيخرجوا في أفواج محدودة لزيارة زملائهم في الغرف الاخرى بنفس القسم، او في اقسام اخرى بنفس السجن، يمضون بعض الساعات في الحديث والسمر قبل العودة الى غرفهم مرة اخرى . يحاول الأسرى بهذه الاجواء الخروج من اجواء الحزن والبعد واستذكار الأعياد مع الاهل، ولكن هذه الاجواء الجماعية سرعان ما تنقضي، ويصبح العيد ثقيلاً ومؤلماً، وتمر الساعات والأيام ببطء شديد، كأنها تعاند هذا الأسير، وتشترك مع الاحتلال في قهره . العيد هذا العام استثنائياً يأتي بطعم الكورونا، حيث لا يزال الأسرى يعيشون حالة القلق ويخيم شبح الفيروس اللعين فوق رؤوسهم خشية من وصوله اليهم في أي لحظة مع استمرار الاحتلال في المماطلة بتوفر كل إجراءات السلامة والوقاية لحمايتهم . كما تزامن مع هذه الجائحة وقف برنامج زيارة الاهل، والتي تعتبر في هذه المناسبات هامة جداً وتختلف عن أي زيارة خلال العام، حيث انها المتنفس الوحيد للأسرى لعيشوا لحظات حقيقة في اجواء العيد برؤية اطفالهم بملابس العيد، وزوجاتهم واهلهم، والاستماع منهم حول الاجواء في الخارج والزيارات ويستمعوا الى كل صغيرة وكبيرة بما يسمح به وقت الزيارة التي سرعان ما ينقضي لكثرة الاحاديث . العيد مناسبة خاصة في السجن لا يشعر بآلامها وقساوتها سوى من هم خلف القضبان، وخاصة ممن امضوا سنوات طويلة، وهناك من عاش عشرات الاعياد في السجن، فعميد الأسرى “نائل البرغوتي” امضى 80 عيداً خلف القضبان ، وكذلك “كريم وماهر يونس ” امضيا 37 عيداً في الآسر، واسرى اخرون امضوا اعياداً كثيرة وحدهم في غياهب السجون . حتى ذلك الفرح الذى يحاول الأسرى رسمه على محياهم في العيد تستكثره ادارة السجون عليهم ، فتحاول بكل الطرق التنغيص والتنكيد عليهم بإجراءات قمعية واستفزازية ، كمنعهم من صلاة العيد بشكل جماعي في ساحة القسم، أو اجراء تنقلات تفتيشات خلال أيام العيد، او عزل بعضهم انفرادياً ، وحرمانهم من ادخال حلويات من المؤسسات الخاصة وقد سمح بها في سنوات سابقة. 4800 اسير فلسطيني لا يمكن أن يصبح العيد، عيداً حقيقياً الا بحريتهم ، وسيبقى العيد منقوصاً وممزوجاً بالألم طالموا بقى اسيراً واحداً خلف القضبان .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى