حلقة وصل

فرحة نجاح منقوصة لأبناء الأسرى في الثانوية العامة

 

بقلم: أ. محمود العايد

عندما أمسك قلمي لأكتب عن الأسرى الفلسطينيين تحديدًا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أصاب بالحيرة .. وتراودني مجموعة من الأسئلة، فأطرحها على ذاتي ولا أجد لها جوابًا ..

أن تكتب عن الأسرى فهذا ليس بالأمر الهين، أن تضع يدك على أوجاعهم وتتحسسها فهذا ليس شيئًا عاديًّا، أن تحاول أن تكون صوتًا لهم فهذا ليس أمرًا سهلًا البتة، أن تسعى جاهدًا لتوصيف واقعهم وظروفهم وتجربتهم فهذا شيء يستحيل القيام به، من يخوضون تجربة السجن والأسر هم من يستطيعون توصيف المشهد أكثر من وسائل الإعلام والكتاب والأطباء، فالتجربة هي تجسيد للواقع الذي يعانيه الأسرى، ومع ذلك يبقى الأسرى المحررون وحدهم من يعرفون جيدًا ما معنى أن تكون أسيرًا؟

في هذا المقال لستُ بصدد أن أسرد معاناة الأسرى الشخصية من تعذيب وتحقيق وغيره، لكني اليوم أجد نفسي مضطرًا للكتابة عن أبناء الأسرى وعن عائلاتهم ..

وكيف تكون فرحة النجاح في غيابهم وفرحة العيد وأي فرحة أخرى؟ الأسرى الفلسطينيون يعانون من التعذيب الذي يرافقهم في الزنازين، ويعانون من التهميش الذي يلاحق عائلاتهم وأبناءهم، فتعذيب السجون يتصدون له بكل بسالة وصلابة، لكن تهميش الأبناء يورث في النفس ندبة لا يمكن مسحها، وتترك أثرًا يستحيل طمسه مع مرور الأيام، ولهذا فإن الأسرى قدّموا حياتهم رخيصة، وتحمّلوا أصناف العذاب من أجل القضية الفلسطينية، وأضاعوا أعمارهم خلف قضبان الاحتلال الإسرائيلي؛ هؤلاء الأسرى اليوم يحتاجون منّا جميعًا دعمًا حقيقيًا وأن نشعرهم ونشعر أبناءهم بأننا معهم نفرح لفرحهم، ونحزن لحزنهم، فعلينا جميعًا أن نشاركهم، ونقف بجوارهم، ونتفقد أوضاعهم، ونعززهم بالكلمات الجميلة الرائعة حتى يفرح الأسرى في سجونهم بذلك ويزداد صمودهم، وحتى لا يشعر أبناؤهم بالنقص الذي تركه آباؤهم بسبب غيابهم في سجون الاحتلال للدفاع عن القضية، يا أبناء الأمة من المحيط إلى الخليج ومن طنجا إلى جاكرتا يجب علينا جميعًا أن نقف مع عائلات الأسرى ونشاركهم أفراحهم، سيقول لي أحدهم متسائلًا ..

الأسرى في فلسطين وأنا أقيم في المغرب العربي فكيف يمكن لي أن أشاركهم فرحتهم .. يمكنك أن تدعو لهم، أن تكتب منشورًا على صفحتك للتعبير عن فرحتهم، وإذا ملكت مالًا بوسعك أن تتواصل مع الثقات في الداخل الفلسطيني وتوصل لهم مالًا ليعيشوا حياة كريمة، كل الأمة مسؤولة عن الأسرى، وليس الفلسطينيون وحدهم أو العرب، فهذه القضية لا تخص الفلسطينيين دون سواهم أو العرب دون غيرهم بل هي قضية تخص كل مسلمٍ، وكل إنسانٍ حرٍّ حتى لو لم يكن مسلمًا .. فالإنسانية والإسلام لا يتقاطعان ..

قفوا مع أبناء الأسرى بما تستطيعون، عبِّروا لهم عن فرحكم بنجاحهم بالطريقة التي ترونها مناسبة، اغرسوا في نفوس أبنائكم، والأجيال القادمة أن هناك أسرى سجنوا لأجل وطنهم، وتركوا خلفهم أبناء فلنقف معهم، ولننفق عليهم، ولنفرح لفرحهم، ولنسمع لأصواتهم ومطالبهم .. فالله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه..

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى