
بقلم أ:إسلام حامد
لماذا النقد؟ لأن النص المقدس هو كلام الله، هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة، كما القرآن الكريم نزل مجموعًا إلى السماء الدنيا، ثم منجمًا إلى الأرض، كلما وُجد حدث استدعى أن يتم الرد عليه، لذا كان القرآن الكريم أبرزَ مادة نقدية للسلوك الإنساني، بأفضلية الناقد هنا الله عز وجل، فالقرآن الكريم أجمل مادة نقدية عرفها الوجود، يقول المولى عز وجل: “ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين” سورة هود آية ١١٨، في الآية يجعل المولى الاختلاف بين الناس في أوضح صُوره، الإختلاف في العقول، حالة متلازمة تنبع من الكينونة الفطرية، الاختلاف في العقول يستدعي هنا أيضًا النقد؛ لتسلم الفطرة من الكسور أو الشواذ، وتصبح أقرب إلى الحقيقة، فيصبح النقد الصادق جزءًا فطريًا.
هل النقد سلوك سلبي؟ عند العوام من الناس خبر النقد حالة سلبية، لكن النخبة منهم يَعتبر النقد أساس التفكير الإبداعي؛ لذلك الرأي الجديد في مجمله الناتج عن عملية النقد الصادقة هو محصلة الجمع بين الأفكار والموجد للفكرة الأكثر إبداعًا، قيل لو علم الناس فوائد النقاد لأوجدوا للنقاد تيجانا من الذهب ووضعوها على الرؤوس.
لماذا يحارب النقد؟ النقد في جذوره يضرب الموروث الباطل كما يضرب المصالح الشخصية، لذلك يتم الرفض، كما أن الناس تميل إلى تقديس الأعيان بكليتهم، ومنهم في حالتنا الشخصيات التنظيمية.
التحرر من ثِقَل الشخصية بحاجة إلى فكرة أقرب إلى الصواب بالإضافة إلى الشجاعة، لذلك يُسقط الناقد قدسية الشخصية، ومنها الشخصية التنظيمية، لأن القدسية كما ذكرنا سابقًا تكمن في النص الشرعي وتحديدًا الإلهي، الشخصية أو الفكرة الموهومة بالقدسية –من غير النص الإلهي– تحارب بكل قدراتها فكرة النقد، عدا عن النقد ذاته؛ كون النقد فكرة تشكيكية قد تفوت إلى ما هو أصوب من وهم القدسية السابق الوضعي تماما.
ماذا نريد من النقد؟ كي تتجلى الحقيقة نحن بحاجة إلى النقد، الحقائق تأتي من مجموع التراكم الكمي من إيجابيات السلوك البشري، وعليه نحافظ على النقد كي نبقي التطور الإيجابي مستمرًا، لذلك النقد يقوم في عملية التحفيز الإيجابي للسلوك البشري، والاستمرار به، كما أنه يقود إلى تعميم ذلك السلوك ليصبح مسارًا عامًا عند المجموع البشري أو جزءًا منه، لا يتم ذلك التحفيز الإيجابي إلا بإظهار الخروق السلبية، وعليه تتم المعالجة بناءً على ما اكتُشف من نقص.
الإشكال في السلوك البشري أن النقص لا نهائي كون الفكرة البشرية نابعة من عقل جزئي غير مثالي أو كامل، وعليه يتلازم ذلك مع النقد كمسار تصحيحي لذلك النقص، في قرارة أنفسنا النقد والنقد الذاتي منهج تصحيحي يقوِّم السلوك الخاطئ، ويستبدله في السلوك الإيجابي، ثم يعمل على تعزيزه وتطويره والتقدم به.
لذا النقد لم يكن شخصيًا بقدر ما كان موجها نحو الفكرة أو السلوك الشخصي السلبي، عموم حالة الرفض تنبع من تبني الشخص من السلوك السلبي ورفضه التعاطي مع النقد، كونه قائمًا على التشكيك طريقا الوصول إلى الحقيقة.
جلد الذات من أعمق صور النقد الذاتي كون النقد نابع من صاحب السلوك الخاطئ، وهو من أصعب المسارات تصحيحًا؛ لأن النفس البشرية قائمة على عدم الاعتراف بالخطأ؛ كون الأنا العليا المسيطرة تمنع صاحبها من النظرة المتأملة الفاحصة، كي تُبقي بذاتها العليا فوق أي اعتبار، وإن كانت مخطئة، جلد الذات يصبح في هذه الحالة مفهوما تصحيحيًا قويًا يعدل المسارات السلبية ابتداءً من الاعتراف بالخطأ وصولاً إلى السلوك الإيجابي الفطري، يجب أن يكون النقد الذاتي جلدًا للذات حتى يصل صراخ التائبين الوديان العميقة.